الإصلاحية| فهد كنجو:
مقولة “الأعمال بالنيات” لا تصلح في حالة الاستثمار، فالاستثمار يرتكز على قوانين وأنظمة إما أن تكون مشجعة لرؤوس الأموال أو أنها معرقلة، الحكومة الحالية كما سابقاتها تقول إنها تشجع على الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال وهي أيضاً كسابقاتها تعقد ملتقيات بغرض الترويج لفرص الاستثمار في مختلف القطاعات.
استثمار فندق الجلاء (مناسبة حديثنا) العائد بملكيته للاتحاد الرياضي كان واحد من أهم المشاريع السياحية التي عرضت في ملتقى الاستثمار الأخير وعقد منذ عدة أشهر، خلال المؤتمر حظي باهتمام العديد من شركات الأعمال، وعليه تقدم ثلاث عارضين وفق دفتر الشروط الذي عرض خلال الملتقى، انتهت فترة تقديم العروض ما يعني أن المتقدمين الثلاثة حصلوا على فرص متساوية لاستثمار المشروع، ووفق معلومات وردتنا تأكدنا منها بأنفسنا، طالبت شركة أخرى بتمديد المدة ليتسنى لها التقدم للمشروع على اعتبار أنها لم تتمكن من إنجاز عرضها المتكامل خلا المدة المحددة !!
الواضح أن القانون يمنع تمديد المدة حتى أنه لا يسمح بإعادة عرض المسروع إلا لأسباب ومبررات مقنعة، وهذا ما تؤكده المراسلة المسربة التي جرت بين وزير السياحة ومديرية الشؤون القانونية لديه وموضوعها: (كتاب شركة “زي بونت افشور” تطلب فيه تمديد فترة تقديم العروض لموقع فندق الجلاء).
وجاء في الرد القانوني على طلب الشركة أن المادة (9) من دفتر شروط الموقع والمصدق أصولاً نصت على أن تقديم العروض إلى ديوان الوزارة خلال المدة التي ستتحدد في الإعلان الصادر من الوزارة، وكان الاعلان حدد أن اخر موعد لتقديم العروض ينتهي بنهاية الدوام الرسمي من يوم 1/10/2017 وعليه فإن أي عارض تقدم بعد ذلك التاريخ حيث أقفل باب التنافس بانتهائه يعتبر عرضه “غير قانوني” ولا يجوز قبوله ولو كان أنسب العروض، وذلك ضماناً لسرية المنافسة في الشروط والأسعار وتحقيقاً لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المستثمرين المتقدمين بعروضهم لاستثمار الموقع وبالتالي قانونياً يصبح طلب الشركة المذكورة مرفوضاً.
أما بالنسبة لتمديد العروض بعد انهاء مدة تقديمها أكدت القانونية في مذكرتها أن ذلك من عدمه يعود تقديره لوزارة السياحة بالتنسيق مع الجهة المالكة ويجب أن يتم قبل انتهاء مدة تقديم العروض وفي مثل هذه الحالة (انتهاء المدة) فإن المعالجة لا تكون بتمديد الفترة إنما إعلان جديد ولكن (لأسباب مبررة) طبعاً القانونية لم تذكر ما هي تلك الأسباب المبررة لكنها أشارت أنه لدى متابعتها مع مركز خدمات المستثمرين تبين لها أن العروض المقدمة لاستثمار الموقع وعدد (3) لم يتم فضها حتى تاريخه !!
رأي القانونية يبدو أنه كان أراح بال المتقدمين الثلاثة لكن ما حدث بعد ذلك أثار حفيظتهم حتى أن إحدى الشركات العارضة وهي شركة خارجية قررت سحب عرضها طبعاً على ذمة أحد مصادرنا، إذ تفاجأ العارضون الثلاثة بإعلان نشرته الوزارة على موقعها الإلكتروني قالت فيه إنها تطرح موقع فندق الجلاء للاستثمار السياحي وعلى الراغبين بالاستثمار التقدم بعروضهم المتكاملة خلال مدة تنتهي بتاريخ 30/11/2017 !! أي أن الوزارة لجأت لخيار إعادة عرض الموقع.
وعلى خلفية الجدل الذي أحدثه الاعلان نشر الوزير بشر يازجي على صفحته “فيسبوك” بتاريخ 29/10/2017 مبرراً إعادة عرض الموقع بما قال إنه نتيجة تقدم 6 شركات بطلبات لاستثمار موقع فندق الجلاء بما يحقق الحصول على العرض الاقتصادي الأنسب وتحقيق التنافسية وإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المستثمرين لاعداد وتقديم عروضهم المتكاملة !!
طبعاً الوزير بكلامه نسف أول شرط من شروط التنافسية، حيث أن المشروع يعرض للاستثمار للمرة الثالثة والعارضين الثلاث الذين كانوا تقدموا بعروضهم خلال الفترة المحددة أثبتوا جديتهم خلافاً للشركات المتخلفة عن المدة !!
في واقع الحال – وبغض النظر عن نية الوزارة في زيادة عدد المتنافسين – وفي حال فاز عرض شركة “زي بونت افشوف” التي كانت طالبت بالتمديد كما ذكرنا سيضع وزارة السياحة بموقف محرج أقلها أمام العارضين الثلاثة الذين التزموا بالمدة الأولى، سيعتقدون أن إعادة عرض المشروع عبارة عن مسرحية هزلية ليربح عرض الأفشور المتخلف عن المدة الأولى، هذا بدوره يسهم في خلخلة ثقة المستثمرين في المشاريع التي تطرحها وزارة السياحة بشكل خاص والاستثمار في سورية بشكل عام، فالاقتصاد والاستثمار لا يقاد بالنوايا والتمنيات وإنما بالقوانين والأنظمة !! ماذا لو انتهت المدة الجديدة وتقدمت عشرات الشركات لتحظى بالمشروع هل سيبقى التمديد إلى مالانهاية ؟!
مجرد اقتراح: “ربما بات من الملح وضع وصاية من رئاسة مجلس الوزراء على كل المشاريع الاستثمارية الاستراتيجية العائدة بملكيتها للجهات العامة والمطروحة للاستثمار من قبل القطاع الخاص هذا إذا ما أردنا فعلاً أن نعزز ثقة المستثمرين للاستثمار في بلد ينشد إعادة الإعمار وترميم اقتصاده.
الإصلاحية| لأنو صار وقتها
Post Views:
0