عناية مركزة | فهد كنجو:
كل التصريحات الحكومية بخصوص زيادة الرواتب تصب في خانة الاعتراف بأن دخل الموظف السوري متدني جداً، وكلها أي التصريحات باتت تتبنى وجهة نظر متطابقة إلى درجة الاستفزاز، ويعتقد الفريق الوزاري وعلى رأسه رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس أن أي زيادة على الرواتب والأجور ممكن أن يترتب عليها تضخم غير حميد، لذلك يلعبون على وتر خفض الأسعار ريثما تدور عجلة الانتاج، فمتى تدول وكيف تدور ؟!.
وزير الاقتصاد سامر الخليل ينضم مؤخراً إلى سرب المصرحين ويقول أمام مجلس الشعب: إن موضوع زيادة الرواتب هو مطلب محق، وإن هناك فجوة بين الدخل ونفقات المعيشة والإشكالية حسب رايه هي أن الحكومة بحاجة إلى موارد أكبر لتغطية زيادة الرواتب لأن الزيادة من 10 إلى 20 بالمئة لا تكون مجزية وما تقوم به الحكومة هو تقديم الإجراءات التي تساهم في تخفيض الأسعار وانخفاض سعر الصرف لينعكس ذلك على المواطن مباشرة.
“الخليل” لم يبتعد كثيراً عن عدة تصريحات لزميله وزير المالية الدكتور مأمون حمدان والذي سبق وأن ذهب لإنشاء معادلة لم يسبقه إليها أحد قال فيها إن أي زيادة في الرواتب والأجور تعني زيادة أسعار المشتقات النفطية (لتمويل الزيادة) والحكومة حسب قوله غير راغبة بزيادة أسعار المشتقات وعليه ستلجأ إلى خفض الأسعار، طبعاً هو بذلك تجاهل عودة آبار الغاز وبعض حقول النفط للانتاج !!
الوحيد الذي كان غرد لفترة وجيزة خارج السرب كان حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور دريد درغام عندما وعد السوريين بزيادة رواتب تليق بتطلعاتهم على خلفية تحسن سعر الصرف، ما لبث أن استدك بالتصريح أن زيادة الرواتب تحتاج إلى تمويل ولا يكون ذلك إلا من خلال زيادة الانتاج، وهو من قال مرة إن الليرة بخير وطالب بخفض الأسعار، ومعه انزلق تحسن سعر صرف الليرة إلى مستنقع المكوث بدلاً أن يذهب إلى لقمة المواطن، “درغام” كان رتب على نفسه انتقادات عندما غالط رئيس الحكومة واعتبر أن التماهي مع انخفاض الدولار في السوق الموازية غير منطقي طالما أنه لا يوجد مؤشرات اقتصادية تدعم ذلك كزيادة الانتاج وعائدات التصدير، طبعاً كان “خميس” صرح مرة بعكس ذلك !!
د.دريد درغام
خفض الأسعار وقع على عاتق المغامر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عبدالله الغربي الذي لم يتعد جهده عن مشاغلة الأسواق وإثارة الجدل، وكان بدأها بالشاورما ثم المتة التي فقدت من الأسواق، ومن السكر إلى الزيوت وصولاً إلى اللحمة بقيت سلة المستهلك على حالها دون تغير يذكر على سعرها !!
د.عبدلله الغربي
أما عن الانتاج وزيادته فواضح أن موازنة العام 2018 لن تأتي بجديد 825 مليار للانفاق الاستثماري لن تخترق جدار المشاريع المولدة لفرص العمل، يذهب أحد أعضاء الفريق الحكومي للقول إن الأولوية لخلق فرص عمل وليس لزيادة الرواتب واضح أنه قال ما قال من باب التلاعب بالألفاظ لاسترضاء عواطف الباحثين عن فرصة عمل حكومية ولو براتب قليل (قليل دائم أفضل من كثير متقطع)، فليس من الواضح بعد على الأقل من خلال قراءة موازنة 2018 ما إذا كانت ثمة إمكانية لخلق فرص عمل تقلص نسبة البطالة، يقال إنها باتت تفوق الـ 40 % طبعاً مع غياب الرقم الاحصائي أو ربما تغييبه عن التداول !!
أملاك الدولة المستثمرة من الغير وزيادة قيمتها (مول قاسيون مثالاً تحتذي به الحكومة) وتحسن عائدات التصدير كلها تصب في خانة إنجازات الحكومة على هيئة تصريات إعلامية دون أن تمسس الواقع المعيشي للمواطن !!.
عودة مناطق واسعة من الجغرافية السورية لسلطة الدولة وما تحويه من ثروات باطنية وزراعية ينقلها الفريق الوزاري كمناسبة للظهور على وسائل الإعلام ليبقى الأمل معلقاً بأن القادم أفضل !!.
هامش: واضح أننا بدأنا نخرج من نفق الأزمة وواضح أكثر أن نفق التصريحات الحكومية بخصوص زيادة الرواتب والأجور عبارة عن دوامة قد يصعب الخروج منها قريباً !!
الأصلاحية | لأنو صار وقتها
Post Views:
0