منصة التحكيم | صفاء أحمد
ها هي التصريحات الإعلاميّة النّاريّة تتالى على مسامعنا يوماً بعد يوم لتتحفنا بالأسباب الخفيّة للأزمة الإعلاميّة التي شغلت صفحات التواصل كما شغلت أعلى المستويات القياديّة في اليومين السّابقَين !!
قد اعتدنا نحن المذيعات “باعتبار أنّنا العنصر الأضعف في حلقة إعلاميّة صعبة الفكّ والتركيب ” على تحمّل أعباء كلّ أخطاء الشاشة عندما كانت صغيرة و عندما بدأت تكبر شيئاً فشيئاً مع ازدياد سطوتها الكونيّة ..هذا التطوّر الذي فرض على كلّ القنوات الفضائية العالمية تطوير منظومة عملها التقني و الرقمي والفني على حدّ سواء ، الأمر الذي لم يستطع إعلامنا مجاراته؛ إلا بشكل بسيط ؛ كما فعلت قنوات الكرة الأرضية قاطبةً مما جعل جودة الصورة في قنواتنا الوطنية تتلوّى بين الحين و الآخر متأثّرةً بعوامل مختلفة أكل الدهر عليها وشرب مقارنةً بما هو معمولٌ به في باقي المؤسسات الإعلامية العملاقة التي تشنّ حربا ً إعلاميّةً على بلدنا الحبيب منذ عام ال2000 و بلسان عربيّ فصيح ..
والحقّ أقول لكم أنّه بالرغم من كمّ التطوّر الذي طال منظومة الإعلام العربي فقد بقي وهجُ التزام إعلامنا الوطنيّ و مثابرته وحرصه على مراعاة ذائقة الأسرة العربية هو الرّصيد الوحيد المتبقّي لديه ليجمع ما استطاع أن يجمعه من متابعين له في الداخل والخارج ؛ ونحن هنا لا ندّعي المثاليّة بنوعيّة البرامج المقدّمة بل نتّكل على إرث عظيم قدّمه لنا عمالقة الإعلام والفن السوري في زمنه الذهبيّ لم يستطع كلّ التطوّر الحاصل في الميديا محوَه أو الانتقاص من قدره في ذاكرة المشاهد الذي ظلّ ينتظرُ من يصلُ له حبل الذكريات الجميل فيعود شريط فيديو صحّ النوم ليقول له بعد ثلاثة عقود من الزمن صحّ النوم يا عرب ..ويعود القمر يغنّي بلا أداة شرط غير جازمة تقول : إذا غنّى القمر .. بل سيقوم القمر منشداً برفقة عملاق الإعلام مروان الصوّاف ليقول : عندما غنّى القمر …
وبالعودة إلى مناسبة المقال نقول :
يؤسفنا اليوم أن تقوم بعض وسائل التواصل الاجتماعي و بعض الصحف الوطنية بتشويه ما صرّح به السيد وزير الإعلام في معرض حديثه عن الإعلام عندما قاموا باجتزاء ثلاثة كلمات تقول: “لباس المذيعات شحادة” وطبعاً في عصر سرعة المعلومة و تفاهتها و عدم وثوقيّة مصدرها بدأت الألسن بتناقلها علّها تكون مادّةً فيسبوكيّةً دسمة تغطّي على كل نواقص وهنات و أنات إعلامنا الحبيب ..
ألم يتساءل أحدكم كيف للباس المذيعة أن يكون لبّ مشكلات الشاشة الوطنيّة ؟
ألم يتساءل أحدكم كيف للباس المذيعة أن يكون السبب في تردّي المستوى الفنّي والتقنيّ الذي وصلت له محطاتنا ؟
ألم يتساءل أحدكم كيف للباس المذيعة أن يكون العنوان الأبرز لبعض صحفنا بدل أن تكون صاحبة سبق في الإضاءة على همّ الشرفاء اليوميّ ؟!
ألم يتساءل أحدكم كيف لمحطة تلفزيونية أن تستوعب 53 مذيعة على ملاكها وتقوم بتأمين بدل ملابس لهنّ جميعاً ومن نفس الماركة التجارية وبدون مراعاة لحجم العمل أو لنوعيّة البرامج المقدّمة ؟ (وهنا أتحدث فقط عن الفضائية السورية ، وقس على ذلك باقي القنوات التي أصبحت تفرّخ المذيعات تفريخاً بغض النّظر عن النّوعيّة ..)
من السخرية بمكان اليوم أن أفرد صفحةً لي في جريدة أتحدّث فيها عن رداءة منتَجٍ يعتَبرُ من الكماليات في زمن الحرب ..وأتناسى جوهر المشكلة …
اسمحوا لي أن أشبع فضول البعض وأخبرهم بأنّنا وككلّ نساء سوريا و بناتها نمتلك بدل ملابس يكفي لإظهارنا بمظهرٍ لائق ، وليس المطلوب منّا اليوم أن نتلوّن ونتفنّن في لباسنا بقدر ما هو مطلوب منّا أن نحقّق حضوراً مقبولاً لدى متابعينا الذين احترموا وقدّروا ما مرّ ببلدنا من ضائقةٍ ماديّة أثّرت على مختلف أفراد مجتمعنا ونحن ” ولباسنا “جزءٌ لا ينفصلُ عن همّه وعنه …
أحاول أن أنأى بنفسي عن مجابهة ما يجري ..لكنّ فضول المتابعين و حسّي الإعلامي دفعاني لأتحدّث بما هو متاح من معلومات لأخفّف من حدّة فضول البعض لمعرفة حقيقة ما يجري معنا بما يخصّ بدل الملابس …
وإنّي لأجدُ نفسي محبطة ومتألمة أيما الألم عندما أرانا نقع تحت مخالب الحلقةَ الأضعف في مجمل الصورة الإعلامية !!
ونبقى نحن المذيعات الشمّاعة لأخطاء الأقوى في بيتنا الإعلامي ، المليء بالفوضى العارمة …
الاصلاحية | لأنو صار وقتها
Post Views:
0