منصة التحكيم | صفاء أحمد |
لن أنسى ما حييت تلك اللحظة من حياتي المهنيّة عندما كنت أقوم بتسجيل تقديماتي الاسبوعيّة المعتادة لرسالة محافظة حمص (باعتباري مذيعة المركز الاذاعي والتلفزيوني فيها قبل ثمان سنوات خلت من العمر الراكض على عجل ..)
كذلك لن أنسى حرص كادر العمل على عدم إظهار أية لوحة إعلانية طرقية ؛بدءاً بالإعلانات الفردية .. أرومة طبيب أو مركز تجاري ..أو محل ألبسة ..أو حتى دكان صغير …وانتهاءً بإعلانات الشركات …ماركات السيارات أو العطورات أو البرادات …أو ماركات الأجهزة الكهربائية …إلى آخر ما يمكن أن يخطر بالبال من محاولات إعلانية متعددة الأشكال ومختلفة القيمة المادية حتى لو كانت لم تكلف سوى بعض الدهان لكتابة رقم هاتف على حائط خالي العلام …
آنذاك كنا نضطرّ إلى تغيير موقع التصوير لنحصل على صفر إعلان حتى لا تقوم المؤسسة العربية للإعلان بملاحقة صاحب الإعلان الذي ستجبره المصادفة البحتة على دفع رسوم معينة لتلك المؤسسة التي كانت رابحة قبل نشوب الحرب على سورية ..وأصبحت خاسرة وبشهادة الكثيرين من أصحاب الخبرة الإعلامية والإعلانية لدرجة عدم تمكنها من تطوير عملها في السبع سنوات من عمر الحرب لنفس الأسباب التي عانت منها باقي مؤسساتنا الإعلامية سواء كانت أسباب تتعلق بصعوبات عامة تتعلق بظروف الحرب أو كانت أسباب أخرى تتعلق بتحديات تخص عمل هذه المؤسسة …
ولطالما كنا نتساءل نحن كمشاهدين عن سبب رداءة المستوى الفني للإعلانات التي كانت تنتجها هذه المؤسسة وخصوصاً عندما أصبح المجال متاحاً أمامنا لنرى فنّ الدعاية والإعلان على مستوى العالم بأوج إبداعه و بكلّ الأشكال ..الطرقي و المرئي والمسموع …
أسئلتنا كانت نابعة من غيرتنا على سمعة منتجنا الوطنيّ الذي وجب أن يكون موازياً للقدرات البشرية التي خصصنا بها كسوريين على مدى الأزمنة المتعاقبة ..و كانت نابعة أيضاً من معرفتنا لمدى انتشار المؤسسة العربية للإعلان بكوادرها الكثيرة على أراضي الجمهورية ، الأمر الذي وجب أن يكون نقطة قوّة لا نقطة ضعف بأدائها ..
أمّا السؤال الذي كان الأكثر إلحاحاً فهو عن عدم قدرة موارد المؤسسة المالية التي كانت بملايين الليرات السورية أن تدعم صناعة مواد وبرامج إعلامية ذات أهمية على كافة المستويات (إذاعية أو تلفزيونية أو صحفية ) ناجحة ومميزة في زمنها الذهبي ..هذا السؤال الذي تحوّل في زمن الحرب لسؤال مختلف يستغرب بقاء هذه المؤسسة الضعيفة بدون أيّ حراك في الوقت الذي وجب أن تكون من أنشط المؤسسات التابعة لوزارة الإعلام لتسدّ عجز الميزانيّة الإعلاميّة و تسهم بالتالي بتوفير جهات راعية من المعلنين التي أصبح إنتاج برامجنا التلفزيونية على أقلّ تقدير محكوماً بوجودها لرعايتها مادياً الأمر الذي يمكن العاملين من الحصول على فرصة في تحسين مواردهم المادية ولو بالحدّ الأدنى …
فهل سنلقى إجابات جريئة في القادم من الأيام تضع النقاط على الحروف وتسهم في تصحيح عمل المؤسسة العربية للإعلان باعتبارها ذراعاً إعلاميّةً قويةً قادرةً على حماية كامل الجسد من مغبّة المسألة ؟!
الاصلاحية | صار وقتا..
Post Views:
0