اعتبر وزير الاقتصاد الأسبق محمد نضال الشعار، أن عبارته التي دونها في منشور على صفحته الشخصية على فيسبوك والتي وجهها لرئيس مجلس الوزراء (الفساد أكبر مني ومنك) اعتبرها من باب التحفيز على وضع مخطط سديد للحد من فساد استشرى في البلاد.
الاصلاحية | منصة التحكيم | ونقلت صحيفة الأيام عن الشعار قوله: أعتقد أن رئيس الحكومة يستطيع أن يقدم الكثير لو قبل التحدي وعمل بالشجاعة المطلوبة، لافتاً أنه لم يعد الفساد يتوقف على موظف فاسد أو مدعوم، لقد أصبح حالة سائدة، وانتقل من حالته المحدودة ببعض المتنفذين إلى حالة شعبية خطرة جداً. وقد استشرى أكثر مع ما أفرزته الحرب من شخصيات نافذة، تبنوا الفساد وعملوا من خلاله، وشجعوا عليه ودائماً فيما يصب في مصلحتهم ولو على حساب البلد، ومقدراته.
وأضاف وزير الاقتصاد الأسبق: الأخطر في ظاهرة هؤلاء الذين يعملون تحت مسمى “رجال أعمال”، أنه صار بإمكانهم توجيه الحكومة، وليس بالضرورة أن يظهر الفساد بالشكل المتعارف عليه، فالجهل فساد، والتقاعس فساد وعدم التوظيف الدقيق فساد، لذلك كان لابد من صرخة حرص، بمنزلة ضوء كاشف، وهي إن لم تستطع القضاء على الفساد نهائيا لكنها يمكن بكل تأكيد أن تحد منه.
واعتبر “الشعار” أن يستحيل تقييم وضع الاقتصاد اليوم بسبب عدم القدرة في الحصول على المعلومات، وفي بعض الأحيان إصرار الحكومة على حجب المعلومات إن توفرت، و الدراسات الاقتصادية النافعة والمجدية تحتاج إلى أرقام وبيانات دقيقة، يضاف إلى ذلك أن الاقتصاد الذي ظهر خلال الحرب، وهو “اقتصاد الظل” يتعذر قياسه وتحديده ويمكن وصفه بالخطر جداً، فهو لا يعطي أي مؤشر بالتفاؤل.
وقال “الشعار” إن سوريا من أغنى بلاد العالم إذا ما قيست ثرواتها مع المساحة وعدد السكان، ولا نحتاج في هذا البلد سوى لحالة سلمية مستقرة والتخلص من تداخلات أصحاب النفوذ سواءً كانوا أفراداً أم مؤسسات بالإضافة إلى رؤى سديدة لإنعاش الاقتصاد، والآن وبطبيعة الحال نقف أنا وغيري من المطلعين أو المحللين متفرجين ضمن تلك الأجواء الضبابية.
ورأى “الشعار” إلى أن البعد، أو السبب، الاقتصادي في هذه الحرب، ومن وجهة نظر دولية هو أقل من البعد السياسي، مبيناً أنالحرب الحالية في سورية هي حرب إعادة تموضع لبعض القوى العالمية والإقليمية وهذا ما يحصل ونحن للأسف دفعنا ومازلنا ندفع الثمن. لكن الأهم الذي حصل من خلال هذه الحرب أنها أدت إلى زيادة هائلة في أطماع بعض القوى الدولية في الثروات السورية، وهذا شيء مؤسف وسنتحمل الكثير مستقبلاً للحد من هذه الأطماع.
وقال: لا أتوقع عزم المستثمرين الدخول في الوقت الحالي إلى السوق السورية حتى من قبل الدول الحليفة لسورية، فحجم الاستثمارات ضئيل جداً، وذلك بسبب ضعف وندرة كل شيء، ففي الوقت الحالي لا توجد خبرات ولا موارد بشرية كافية للقيام بالأعمال المطلوبة، والشركات الأجنبية في النهاية تأتي برأس مال وتعتمد بشكل جوهري على الخبرات السورية والتي أغلبها أصبح في الخارج، أضف إلى ذلك عدم وجود تشريعات وقوانين استثمارية مناسبة كما يوجد تخبط في اتخاذ القرارات ولا يوجد رؤى واضحة المعالم، أي عدم وجود بيئة استثمارية مناسبة مع الأسف.
ونصح “الشعار” بأنه لا يمكن استخدام أدوات الماضي في إدارة المستقبل أو حتى التنبؤ والتخطيط له ودراسته، ونحن، للأسف، مازلنا نستخدم ذات الأدوات التي ربما أوصلتنا إلى ما نحن فيه.
وعبر الشعار عن رضاه عما قدمه لسورية خلال وجوده في منصب وزير الاقتصاد خلال العام 2011 _ 2012، وقال: ولكن وزارتنا تزامنت مع وضع مأساوي لو لم يكن لكانت النتائج أفضل، وعمل الوزير طبيعته تراكمية وآثاره تظهر عبر الزمن ومن خلال البيئة المناسبة، لكني راض عن العديد من القرارات التي أستطيع القول إنها حاولت ولو بشكل نسبي وقاية الاقتصاد من التدهور السريع مثال على ذلك تقييد تمويل المستوردات وحماية وتمكين بعض الصناعات الوطنية، لكن مع الأسف تزامنت تلك الإجراءات مع وضع أمني مربك. وبالتالي لم تظهر الآثار الإيجابية لهذه الإجراءات.
وأضاف: أنا لست نادماً أبداً، قدمت من الخارج وأنا كنت أعيش حالة أمان اقتصادي، خدمت بلدي بأمانة والأهم أنني تعرفت على ثروات البلد التي لم يكن ممكناً الاطلاع عليها لو لم أكن في هذا المنصب بسبب الاستهتار بها وعدم أهميتها لدى البعض.
وحول زيارة الوفد الحكومي لمدينة حلب، لاسيما تصريح رئيس الحكومة أن حلب ستكون دبي الثانية، قال الشعار: “إذا فسرنا التصريح بحسن نيّة فهو نداء وتشجيع لحشد الهمم، أما إذا فكرنا مليّاً بالتصريح وبشكل واقعي فإنه يقترب من الجهل وبعض التهريج إن لم يقترن بخطة واجراءات واضحة، فمدينة حلب لها أهمية اقتصادية وتاريخية وحتى اجتماعية وثقافية إن تم استثمارها بشكل أمثل لتفوقت على بلدان كثيرة رغم الحرب، أما ما أنصح به فهو البحث عم أدوات جديدة تناسب الوضع الحالي والمستقبلي أهمها الذهنية المنفتحة والمرنة والالتزام بقوانين تراعي المرحلة الحالية والمستقبلية، إذ أنه لم يعد ممكناً أو مقبولاً استخدام أدوات الماضي في إدارة الحاضر والمستقبل وطبعا هذا يستلزم استقطاب الخبراء الحقيقيين، أي أن يكون تلزيم المسؤولية بحسب الخبرة وليس بحسب التاريخ الولائي أو السياسي، ولحلب بشكل خاص يلزمها مسؤولين يراعون تنوع اقتصادها ويتسمون بالمرونة والإبداع، وحلب مازالت المدينة الوحيدة المؤهلة لتمركز الثروة، وتمركز الإنتاج ناهيك عن تجارتها مع المدن المحيطة وقربها من الخزان الزراعي والبشري. ومن أول المستلزمات التي يمكن ذكرها (بالإضافة إلى الأمن والاستقرار والتخلص من التدخلات المصلحية) نظام عمراني حديث، يتم إنجازه فوراً ولا يتم استغلاله كما حدث في السابق. ويجب أن يراعي الاحتياجات الاقتصادية والسكنية بشكل حديث.
صحيفة الايام
Post Views:
0