الاصلاحية | منصة التحكيم |
ينسى كثير من الوزراء أنفسهم كراسمي سياسات وصانعي أفكار، ويتحولون إلى مجرد مديري إدارات ورؤساء أقسام.. يتدخلون في كل شاردة وواردة، ويصادرون صلاحيات من هم أدنى منهم إداريا ووظيفياً…!!.
زياد غصن | ومن الطبيعي مع هؤلاء أن تغيب المشاركة في اتخاذ القرار، الحوار والنقاش، وبالتالي أجواء العمل الإيجابية..
المشكلة ليست فقط في شخصيات من نختار لشغل المناصب الوزارية، وإنما في التوجهات العامة التي سمحت وأجازت تجميع الصلاحيات والمسؤوليات بيد شخص واحد… هو الوزير!!.
وكأن هذا الوزير.. سوبرمان، قادر على الإمساك بكل شيء، والقيام بكل المهام الموكلة إليه.
وبالطبع هذا عادة ما يكون على حساب المؤسسات وإداراتها، التي تتعرض بفعل ذلك إلى تقزيم كبير في حضورها وفعاليتها.. فتفقد مع مرور الوقت خبراتها وكفاءاتها، إمكانياتها وقدراتها، ونشاطها ومبادراتها.
سابقاً كان المدير العام يصدر قرارات تعين، ويوفد موظفين للخارج، ويقر مشاريع، ويصرف مكافآت…وغيرها.
أما اليوم، فالمدير العام لا يملك صلاحية تعيين شخص بعقد لمدة ثلاثة أشهر، وإذا ما أراد أن يُحصل شيئاً لمؤسسته فعليه أن “يُقبل” أيدي جميع المسؤولين، ويحضر عشرات الاجتماعات، ويرسل عشرات الكتب والمذكرات..!!.
قد يرى البعض أن الوضع السابق أوجد العديد من المديرين الفاسدين، لكن ذلك لم يكن سببه الصلاحيات الممنوحة بقدر ما كانت الخيارات والمعايير غير المهنية والعلمية المتبعة في اختيار الإدارات وتعيينها..
وما ينطبق على المديرين العامين للمؤسسات والجهات العامة فيما سبق ذكره، ينطبق تماماً على معاوني الوزراء.. وربما أكثر أيضاً.
إن إعادة النظر بالواقع القائم، وما يتطلبه من توصيف دقيق لمهام ومسؤوليات وصلاحيات كل وزير ومدير عام وتنظيم العلاقة بينهما، من شأنه أن يوفر أحد أهم أسباب نجاح المؤسسة العامة (وزارة-مؤسسة-شركة-جهة….الخ) في تنفيذ مهامها، والأهم أنه يحدد المسؤوليات ويوجه المحاسبة، ويعيد لكل منصب مهامه وصلاحياته.
ولا ننسى أيضاً ضرورة التشدد في معايير اختيار المسؤولين على اختلاف مستوياتهم الوظيفية والإدارية، فما قد يقر من إجراءات ولوائح وأنظمة إدارية متقدمة، قد يأتي من يجعل منها حبراً على ورق إن كان متنفذاً وصاحب حظوة…!!.
هامش1: المقال لا يتطرق لحالة محددة، فالتنازع على الصلاحيات بين بعض الوزراء والمديرين العامين ظاهرة موجودة منذ سنوات في سورية، وعوضاً عن معالجتها وفق ما تقضيه الأنظمة والقوانين ومصلحة العمل نجدها أنها تتعمق باستمرار…!!.
هامش2: من بعض مظاهر محاولة وزراء السيطرة على المؤسسات التابعة لوزاراتهم قيامهم بجولات على مرافق تلك المؤسسات دون اصطحاب مديريها أو طلب معلومات من رؤساء دوائر في تلك المؤسسات بشكل مباشر.. الخ !!.
سيرياستيبس
Post Views:
0