الإصلاحية | منصة التحكيم |
لم يكن في حساباتنا كمترقبين بشغف لمستجدات مشروع الإصلاح الإداري ، أن يكون الجديد ، وبعد صمت بات طويل نسبياً في أروقة الوزارة المختصّة ، عبارة عن جمل ترويجيّة مقتبسة من صلب المشروع ، محمولة على شبكات لوحات الإعلان الطرقي في شوارع دمشق ، بإخراج حاذق و ألوان جاذبة.
الخبير السوري | ورغم قناعتنا الراسخة بجدوى فكرة الترويج ، إلّا أنها تكاد تكون سابقة ، أن نروّج لأفكارنا بذات الوسيلة التي نسوّق بها سلعنا الاستهلاكيّة ، وكأننا ننشد حشداً للقناعات الشعبية بشأن مشروع وطني كبير يرتقي بأهميته إلى مرتبة “مصيري” ، في سياق إعادة بناء أسس وأدبيات الإدارة التنفيذيّة ، فيما لا يبدو على الإطلاق مشروعاً لعامة الشارع ، و إن كان ولابد من خيار توعوي تمهيدي فليكن داخل أروقة المؤسسات الرسمية ، التي مازالت خاوية حتى الآن من أية تطبيقات ملموسة لمزاعم الإدارات بخصوص “إنجازاتها” على طريق الإصلاح.
الواقع أن ثمة استنتاجات غير مطمئنة يفضي إليها الإعلان ، والطريقة التي لاذت بها وزارة التنمية الإدارية ، لتسجيل ما تيسّر من دور وحضور في شوارع العاصمة ، أقلها تعزيز الهواجس التي بدأت تعترينا من ارتباك الوزارة أمام وزر المسؤولية الملقاة على كاهلها ، في الإدارة العملية لهذا المشروع الوطني الواعد والملح في آنٍ معاً ، وربما من الطبيعي هنا أن نطلق العنان لجرعة كبيرة من التوجسات ، لأننا أمام مهمة خاصة ممنوع الفشل في أدائها منعاً قاطعاً .
وبما أن الغاية من مثل هذه المبادرة الإعلانية ، تدور حول فكرة التوعية والتعريف بمشروع الإصلاح الإداري على نطاق واسع ، يمسي التساؤل مشروعاً عن أسباب الإحجام عن مقاربة إيجابيات المشروع – ونظنه إيجابي بالمطلق – داخل أروقة المؤسسات ، حيث الإدارات والكوادر المعنيّة به مباشرة و بتطبيقه ؟؟
هل على المواطن أن يعلم أن ثمة سعي لقياس رضاه ” إحدى العبارات الإعلانية ” قبل أن يعرف الموظف كيف يرضيه ..؟؟
لو بادرت جهة ما لقياس مستوى إدراك موظفي الدولة لما ينطوي عليه مشروع الإصلاح الإداري من ملامح وأفكار لكانت النتائج صادمة ، بما تعكسه من شبه نسيان لهذا المشروع المتكامل الذي احتفينا به كبداية خلاص وانعتاق من حالة الترهل والضعف الإداري والفساد التي تعصف بمؤسساتنا وتكاد تجهز عليها ..!!
لا يكفي الانشغال بالاجتماعات والبحث على نطاق ضيق ضمن دائرة النخب القيادية في المؤسسات ، ففي المحصّلة النهائيّة من سيطبق وينفذ ويتعاطى مع الإسقاطات العملية لمضامين المشروع ، هم الموظفين على المستوى الأفقي للموارد البشرية ، مع رؤساء الدوائر والأقسام والمديرين المركزيين في الجهات العامة ، إلّا أن هؤلاء مازالوا بعيدين جداً عن المجريات في “مقصورات” الإدارة في مؤسساتهم ، فبمن سنصلح أنفسنا و أعمالنا إدارياً إذاً..؟؟
من الحكمة ألّا نستهين بإلحاح معالجة الذهنيات المرتبكة – التي تستحكم بأداء الموظفين – في سياق التمهيد لتطبيق المشروع ، فنحن هنا لسنا أمام توطين منتج تكنولوجي أو تقنية مستوردة ، بل أمام كوادر بحاجة إلى إصلاح كخطوة أولى في مشروع الإصلاح المتكامل ، والمعلوم أن “إصلاح البشر” من أخطر المهام وأصعبها على الإطلاق ، وهذا لا يكون بإعلان طرقي ولا تلفزيوني ، فلنبادر إلى معالجات فعلية من الداخل ، ولنترك لوحات الإعلان لترويج المرتديلا والمنظفات وكريمات التجميل.
عن موقع الخبير السوري
Post Views:
0