الإصلاحية | خاص |
في زحمة الفضائيات العربية التي لمّا تروي عطشها لجذب أكبر عدد من المتابعين وجدتُ نفسي أحطّ رحال بحثي المضني وككلّ يوم عندما يصيبني الملل ؛ أحطّ الرحال على قناة الجديد اللبنانية في موعد بثّ برنامج (للنشر ).
صفاء أحمد | أعتقد بأنّ أغلب العرب والسوريين على أقل تقدير يتابعون هذا البرنامج الاجتماعي التوعوي الرقابي لما يعرضه من قضايا تهمّ الأسرة العربية وأفراد المجتمع بشكل عام، والملفت للتقدير فيه هو متابعته للقضايا المطروحة بأكثر من حلقة، فهو ليس منبراً لتفجير قنابل إعلامية بقدر ما هو محاولة لفرض سلطة رابعة في المجتمع الذي من المؤكد أنه أصيب بالإحباط من عدم جدوى الكثير من السلطات عندما تحين لحظات الحاجة للتدخل والإنقاذ.
برنامج للنشر لا يعتمد على عامل الإبهار البصري، بقدر ما يعتمد على المصداقية بنقل الحقائق الاجتماعية و على تبنّي المسؤولية لحلّ ما يمكنه من مشاكل الافراد اعتماداً على اختصاصيين متطوعين أو حتى على بعض أصحاب الضمير في مواقع مسؤولياتهم، والملاحظ أيضاً بأنّ البرنامج استطاع أن يستمرّ لموسمه الثاني على التوالي على الرغم من تغيير مقدّم البرنامج وهذا دليل قدرة العمل الجماعي الموجه على الاستمرار عندما يكون الهدف الأهم هو تقديم الخدمة لا تحقيق النجومية.
هذا ما جعلني أتذكّر برنامجاً اجتماعياً خدميا توعوياً قمت بتقديمه منذ أكثر من عشر سنوات كان اسمه (في أروقة المحاكم ) من إعداد الزميلة عطاف نعامة، و إخراج الزميل المهند عبد الله,
أتذكر جيداً كم استطاع هذا البرنامج أن يحصد متابعات آنذاك، لأنه ببساطة كان يتناول قضايا المجتمع السوري التي تعجّ بها محاكمنا ، و يأخذ لقاءات مع بعض أبطال الجرائم الواقعة ومع بعض الضحايا ، لرواية قصصهم المختلفة من باب التوعية الاجتماعية، ويستضيف أيضاً حقوقيين وقضاة ليتحدثوا عن بعض القوانين وموادها المحتاجة لبعض التعديلات من أجل إحقاق الحق و فرض سلطة القانون.
أذكر أيضاً كيف أمر وزير الاعلام آنذاك أن يُنقَل عرض البرنامج من شاشة الفضائية السورية إلى شاشة القناة الثانية الأرضية بعد تلقّي المخرج المهند عبدالله تهديداً من أحد المتنفّذين إن قام بعرض حلقة للبرنامج يظهر فيها شريكه المسجون يتحدث لكاميرا البرنامج عن عدم إدانة ذلك الشخص على الرغم من تورّطهما بنفس قضية الاختلاس.
بكلّ بساطة، لم يستطع البرنامج الاستمرار تحت ضغط الضاغطين من داخل الإعلام، ومن خارج الإعلام، و ها نحن اليوم نتساءل أمام أنفسنا التي لم يرضِها السكوت عن كل تاريخ الخراب، إلى متى سنبقى بلا سيف يحمي سلطتنا الرابعة من طعنات المستفيدين من كل هذا الفساد ؟
الإصلاحية | صار وقتا..
Post Views:
0