الاصلاحية | منصة التحكيم |
قد تكون حمّى الطلب على المكاسب والامتيازات ، أو لعلّه الشغف بالاعتبار المعنوي ونزعة ” البريستيج ” المستحكمة فينا ، حتى بين فاقدي الأهليّة والمؤهلات ، أو كلا الاحتمالين معاً ، هي ما أنتج لدينا هذا الكمّ المخيف من “متسوّلي” الألقاب وبأي وسيلة من طراز الوسائل الذي تبرره الغايات.
ناظم عيد | الظاهرة تجاوزت في الواقع طيف المستنصبين داخل المنظومة التنفيذية ، إلى مضمار قطاع الأعمال الذي كان قبيل أزمتنا الراهنة متخماً حتى “التجشؤ والاستفراغ ” بحاملي لقب رجل أعمال ، ويالهول الصدمة التي سيُصفع بها كل من يسأل عما بحوزتنا من هذه “النمر” لو حظي بإجابة ، و إن كان من يتحرّى ضيفاً وافداً فسيفترض أن بلدنا قوة اقتصادية عاتية في هذا العالم ، لأن رجل الأعمال بات من أهم المكونات والركائز الاقتصادية ومقومات الحراك التنموي .
إلّا أن ثمة واقعاً مختلفاً لدينا يقوم على مفارقة – صدمة بين ما كان وما يجب ، بالتالي سيكون التساؤل الملحّ .. أين رجال أعمالنا ؟!!
الحقيقة أن قطاع أعمالنا مبتلٍ بطوابير غير قليلة من منتحلي صفة رجل أعمال ، وربما لا نملك أن نبرئ غرف التجارة والصناعة والسياحة ، خصوصاً غرف التجارة فلهذه حكايتها التي تطول وتطول !.
انتحال الصفة فعل يعاقب عليه القانون ، أما انتحال الألقاب فيحظى بمباركة مريبة في مجتمعنا بمنظماته الأهليّة وحتى بأروقته التنفيذية ، والنتيجة ” ركام “من رجال أعمال يملؤون الدنيا ضجيجاً وابتزازاً للحكومة وللمواطن في أوقات الرخاء ، و يتبخروا في أوقات الشدّة .
نحن بارعون في تصنيع رجال الأعمال ..فشلنا التقليدي في الصناعة من الإبرة حتى السيارة والطائرة ، لكن حققنا أرقاماً قياسيّة في إنتاج ” أطنان” رجال الأعمال ، إلّا أنهم – أو أكثرهم – بمستويات الجودة ذاتها التي أبقت إنتاجنا السلعي متأخراً و مهزوماً أمام مثيله الوافد استيراداً أو تهريباً !؟؟
لقد غالت حكوماتنا المتعاقبة على الرواق التنفيذي في محاباة من قدّموا أنفسهم وادعوا “رجولة الأعمال” ونفخت فيهم على حساب البلاد والعباد ، وكان للتجار الحصة الأكبر من الكعكة الدسمة ، من أكبرهم حتى تاجر الشنطة من ذلك النوع المستعد لخوض معركة من أجل تذكرة طائرة ، حتى أن تاجراً تزعم اتحاد غرف الصناعة يوماً ، وحزم حقائبه و أمواله وهرب مع أول طلقة رصاص تطلق في هذه الحرب القذرة على سورية.
لن نسترسل طويلاً ، لكن الأزمة كانت درساً باهظ الثمن ، حسبنا أن نستفيد منه ، ونعيد فرز وتصنيف “مقامات” رجال أعمالنا ، على أساس القاعدة التي تؤكد أن “لكل مقام مقال” ، ونكف عن تقديم تاجر الشنطة في قاعات التشريفات التي ستشرع قريباً ، على أسماء معروفة في عالم البزنس.
أنتصرنا ومن انتصر ظفر … ومن ادعى “رجولة الأعمال” واختبأ في رحلة ثبات مديدة ، ليس كرجل أعمال ضحّى ونافح ، ويستحق أن تُشرع له قاعات التشريفات فعلاً.
نحن أمام استحقاق ملحّ لتصنيف حمَلة لقب رجل أعمال ، تصنيف معلن وفق معايير الدور الوطني والحضور الاقتصادي ، فليس كل من “صف الصواني صار حلواني”.
الخبير السوري
Post Views:
0