الاصلاحية |
كثيرون كانوا يعتقدون أن الأزمة ستكون كفيلة بتغيير طريقة تفكيرنا.. والأهم قدرتنا على تقبل ذلك التغيير، كأفراد ومؤسسات.
زياد غصن | لكن ما حدث كان العكس تماماً، إذ صرنا أكثر تمسكا بما نحن عليه، من أفكار وسلوكيات وقناعات، بدليل أن كل ما حملته الأزمة، وما كشفته من أخطاء وعيوب في نظام حياتنا كسوريين لا يزال قائما ومعمولاً به… وربما تعمق أكثر!.
وهناك أكثر من ذلك، فإدارة الأزمة في بعض جوانبها كانت تنهج الأسلوب نفسه المطبق قبل سنوات الأزمة، وكأن شيئاً لم يحدث.. لذلك كان من الطبيعي أن تتضخم الأخطاء لدينا، وأن تكبر مشاكلنا إلى الحد، الذي يجعل اليأس والإحباط يتسللان إلى نفوس الكثيرين.
في غمرة ذلك، بات الحديث عن أي تغيير مهما كان حجمه وغايته، حتى لو كان مجرد التفكير بتغيير حجم رغيف الخبز أو تغيير آلية عمل متبعة في جهة عامة، عملاً مشكوك بنيته، ومنصة قد تقود مؤيديها لاحقاً إلى مواجهة تهم عديدة تتراوح بين الفساد والتشكيك بالنزاهة والتخريب.
وحتى عندما دخل التغيير إلى جزء من حياتنا خلال سنوات الأزمة، فقد كنا مجبرين عليه أو مضطرين إليه بفعل منعكسات الأزمة، كالتغير الحاصل في سلوكنا كمستهلكين، أو التغير في أولوياتنا الحياتية.. ونادراً جداً ما حدث تغيير تحت ضغط الرغبة المؤسساتية أو المبادرة الذاتية.
صحيح أن مقاومة التغيير برزت خلال العقد الأول من القرن الحالي كمتلازمة لكل الأفكار والخطوات الإصلاحية التي طرحت على مختلف المستويات، إنما هي اليوم باتت “تسكن” في داخل كل فرد، وتحضر عند كل عمل مهما كان صغيراً ومحدوداً.. فهل مرد ذلك هو الخوف من التغيير بحد ذاته نتيجة فقدان الثقة بنتائجه وضرورته؟ أم أن الحرب بمآسيها وآلامها جردتنا من كل أمالنا وطموحاتنا، وجعلت تالياً التغيير فعلاً عبثياً؟ أو أن هناك من يخاف على مصالحه ومواقعه ويجهد لإفشال أي تغيير وتشويه أهدافه وغاياته؟.
لاشك أن الخوف من نتائج التغيير وعدم الثقة بمخرجاته، يشكلان عاملين أساسيين في تشكل جبهة “ممانعة” للتغيير، أو على الأقل يحولان دون المبادرة الذاتية للسير في طريق التغيير، فالرأي السائد اليوم أنه مع كل تغيير ستكون هناك تكلفة يتوجب على المواطن دفعها دون أن يحصل على ما يقابلها من منافع يطمح لها.
إذاً.. المشكلة ليست فقط في إطلاق التغيير، وإنما في قبول هذا التغيير ومساندته، وهذا أمر ينطبق على المؤسسات الحكومية والأهلية عندما تكون هي صاحبة مبادرة التغيير، ويكون المواطن هو المستهدف في النهاية بالتغيير، وبالعكس..
لا نقول إن جميع مبادرات التغيير الحكومية والمجتمعية كانت مثالية، ونتائجها جاءت مطابقة لما روج له… ولا نقول أيضاً إن المواطن كان يمثل دوماً الطرف الرافض للتغيير فقط، لكن علينا أن نعترف اليوم أن مجرد الاقتراب من مفهوم التغيير هو أمر مخيف لكثيرين.
سيرياستيبس
Post Views:
0