الاصلاحية |
في عام 2011 افتُتحت كلية الإعلام بدمشق إلى جانب مركز متخصص بالتعليم والتطوير الإعلامي، مجهز بأحدث التقنيات وباستديو إذاعي وتلفزيوني، حيث بلغت تكلفته ما يقارب الـ 200 مليون ليرة سورية، حينها استبشر طلاب الدفعة الأولى من الكلية خيراً، بعد أن تحول قسم الصحافة الذي كان تابعاً لكلية الآداب والعلوم الإنسانية لكلية مستقلة ستكون قادرة على تخريج كوادر عالية التأهيل من الناحيتين الأكاديمية والعملية، بحسب وعود القائمين عليها.
لكن الآمال لم تطُل حيث اتُخذ قرار مُفاجئ بوهب استديوهات الكلية التي تحتوي على أربعة أقسام (إذاعة وتلفزيون، صحافة، العلاقات العامة، الإعلام الإلكتروني) إلى قناة الإخبارية السورية، وذلك بعد تعرض مركزها للاعتداء في بداية الحرب السورية. وبالتالي وقع طلاب الدفعة الأولى والسنوات اللاحقة بالمشاكل ذاتها التي تتمثل في طغيان الجانب النظري على أغلب المقررات الدراسية، رغم أن مهنة الإعلام بحاجة إلى الجانب العملي في الدرجة الأولى، ليتمكن أي طالب من دخول سوق العمل العملي.
نادمون!
يقول حسن نصر، طالب في كلية الإعلام (سنة رابعة)،: «المشكلة الرئيسية التي نعاني منها هي نقص الجانب العملي، رغم محاولة عميد الكلية والكادر التدريسي بالكامل، التنسيق مع جهات إعلامية عديدة لتدريب الطلاب قدر المستطاع، حيث أقيمت دورات تدريبية في مواقع إلكترونية متعددة، إلى جانب دورات تدريبية مجانية داخل الكلية بإِشراف إعلاميين معروفين، كدورة المراسل ودورة الإلقاء الإذاعي والتلفزيوني، إلا أن اختيار الطلاب لهذه الدورات قليل بالنسبة للأعداد الموجودة في الكلية، بالإضافة إلى تعارض أوقات المحاضرات مع الدورات. وفيما يخص التدرب على تصميم المواقع الإلكترونية، يفتقر مخبر الكلية إلى وجود حواسيب كافية، ولا يوجد عليها برامج متاحة للطلاب».
ريم دلالة الطالبة في قسم الصحافة، ترى أنه الأقل تضرراً من غياب الاستديوهات وتقول: «لأن طبيعة الدراسة في هذا القسم تهتم بالكتابة الصحفية في الدرجة الأولى، ويقتصر الجانب العملي في قسم الصحافة على كتابة أبحاث ودراسات تأثيرية خاصة بالإعلام والصحافة، إلى جانب تدريبنا على كتابة جميع المواد الصحفية مثل العمود والتحقيق والتقرير وغيرهم، وتعلمنا بشكل مقبول على بعض البرامج الخاصة بتصميم وإخراج الصحيفة مثل الـ Photoshop و In design.
لكن الطالبة سمار الحجلي توضح أن طلاب قسم الإذاعة والتلفزيون يحتاجون إلى التدريب العملي أكثر من زملائهم في الأقسام الأخرى، كونهم يُعدّون للظهور على الشاشات أو خلف الميكروفونات في الإذاعة مؤكدة: «أغلب المهارات التي نحصل عليها نظرية لا نستطيع تطبيقها أو اختبار قدراتنا فيها، إلا بشكل مبسط وبإمكانيات متواضعة جداً كون استديوهات الكلية خارج خدمة الطلاب حالياً، ومعظم الطلاب يلجؤون إلى كاميرات هواتفهم المحمولة للتصوير، مع بعض الاستثناءات كتطبيق بعض البرامج في مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري. وزيارة إذاعة «شام إف إم» للاطلاع على التسجيل والقيام بتجارب الإلقاء بإشراف المختصين. وتضيف: «حتى مادة التصوير الفوتوغرافي والمونتاج، التي تتطلب وجود كاميرات متخصصة تُعطى بشكل نظري»، وتؤكد حذف قسم المونتاج من المادة لعدم توفر حواسيب كافية داخل القاعة، والأمر ذاته ينطبق على أي مادة تتطلب وجود حواسيب.
أما الطالبة جلنار العلي فتستغرب وبشدة غياب مقررات عن التصوير والإخراج في قسم الإعلام الإلكتروني: «لم نُؤهل لإنجاز مواد صحفية مصورة كاملة، كما أنّ ضيق الوقت لم يساعدنا في إعطاء كل نوع تحريري حقه في التطبيق، أما من ناحية المهارات التقنية، تعلمنا بشكل مقبول تصميم موقع إلكتروني بسيط على برنامج (wordpress) وإنشاء قناة على اليوتيوب، ومعالجة الصور وتصميم إعلانات على برنامج Photoshop، وكذلك تصميم الفيديو على برنامج Sony vegas.
مها الحسن خريجة كلية الإعلام تشير من جهتها إلى أنها نادمة على دخولها هذه الكلية، لأن الثقافة وحدها والجانب النظري الذي يُدّرس في الكلية لا يؤهلنا لدخول سوق العمل بحسب تعبيرها، كما أن غلاء الدورات التدريبية بالنسبة لغالبية الطلاب، الذين لا يملكون دخلاً مستقلاً هي مشكلة أخرى، فرسم التسجيل في دورة المونتاج التلفزيوني في معهد الإعداد الإعلامي التابع للوزارة تتراوح بين 20 و25 ألف ليرة، ودورة مهارات طبقات الصوت للمذيع 22 ساعة تكلفتها 20 ألف ليرة». وتضيف: «إيجاد فرصة عمل بعد التخرج شبه معدومة مع قلة وسائل الإعلام الخاصة داخل سوريا، والأعداد فائضة في الجهات الحكومية، وما يزيد الطين بلة المطالبة بشهادة خبرة عمل في أي موقع تتوجه للعمل فيه، ناهيك عن الرواتب المتدنية جدا».
الرهان على الموهبة
رئيسة قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام د. ريم عبود، تقول: «نعترف بوجود نقص في التقنيات اللازمة للجانب العملي في معظم المقررات، لكن في المقابل نحاول قدر المستطاع وضمن الإمكانيات المتاحة دعم الطلاب، عبر إرسالهم بشكل مستمر إلى المؤسسات الإعلامية للاطلاع على عملها، كذلك نواظب على استقدام فنيين وإعلاميين لمساعدة الطلاب في الاندماج بالواقع الإعلامي»، مؤكدة: «الطلاب الجدد يستطيعون، بناء على المعلومات النظرية التي يتلقوها خلال سنوات دراستهم الأربعة، أن يتفوقوا على غالبية الكوادر القديمة التي تتكئ على خبراتها فقط من دون تأهيل أكاديمي، إذ لا يحتاج الطالب لأكثر من سنة لاستيعاب التقنيات الموجودة بشكلها العملي داخل أي مؤسسة إعلامية»، ولكن من وجهة نظرها الأهم هو الإيمان بمواهب الأجيال الجديدة وعدم تثبيط إمكانياتهم.
آمال بعودة الاستديوهات
نائب عميد كلية الإعلام الدكتور أحمد الشعرواي أكد أن الكلية تبذل جهود مكثفة لعودة استديوهاتها، وجرى مؤخراً اجتماع بحضور وزير التعليم العالي، ووزير الإعلام، ورئيس جامعة دمشق، وعميد الكلية، لإيجاد حل جدي للمشكلة.
ولفت الشعراوي إلى أن المشكلة لا تقتصر فقط على غياب الاستديوهات التي تقدم للطالب فقط التدريب على مهارات الإلقاء وإنما، «هناك بعض اللوم على عدد من الطلاب الذين يطالبون بشكل دائم بالجانب العملي من دون الالتزام بالدورات التدريبية والورشات التي تقام داخل الكلية».
المصدر: صحيفة الأيام
Post Views:
0