الاصلاحية | منصة التحكيم |
أعاد الملتقى الرابع لرجال الأعمال حول “المحفّزات الاستثمارية في سورية ما بعد الحرب ” الذي اختتم أعماله في اللاذقية أمس ، أعاد ” تفسير الماء بعد الجهد بالماء” واجتر نصائح استثمارية بعضها بات عمره 20 عاماً !!
الخبير السوري | إلّا أنه ليس خطأ أن يتم استهداف المنطقة الساحلية بمثل هذا الملتقى ، لتحريك الركود القاتل الذي يغلّف محافظتي الساحل ، ويكسر التكلّس المعنّد حول آفاق التفكير التنفيذي هناك ، والحالة البيروقراطيّة الخانقة التي تعصف بمؤسسات هاتين المحافظتين ، التي أدت إلى ضياع المقومات وهدر الميزات النسبية الدسمة ، و وأد أي توجّه حكومي نحو دعم ” أغنى وأفقر” محافظتين ، لا سيما طرطوس التي تبدو فيها مظاهر المعاناة أكبر و أخطر.
لكن من الجميل أن الملتقى ذكر ببضرورة تشجيع الاستثمار في المنطقة الساحلية في مختلف المجالات التجارية والسياحية والخدمية والإنتاجية والطاقة المتجددة ، والتوسع في إنشاء المناطق الصناعية والحرفية ، والإسراع في استكمال البنية التحتية للمناطق غير المنجزة ، وتشجيع تنفيذ الفرص الاستثمارية المطروحة في الملتقى من قبل هيئة الاستثمار السورية ، بالاستفادة من جميع المحفّزات المتاحة .
كما تمت التوصية بالإسراع في إنجاز تعديل قانون الاستثمار والتشريعات ذات الصلة وتحفيز ، و تسهيل عودة المغتربين السوريين ورؤوس الأموال ، ودعوة رجال الأعمال إلى الدخول في مشاريع مشتركة مع الجهات العامة والتوسع في مشاريع النقل البحري وتطوير المرافئ بما يتلاءم مع متطلبات المرحلة القادمة ودعم الصناعات القائمة على الثروة السمكية بما في ذلك إنشاء مزارع تربية الأسماك البحرية .
وأكد الملتقى في توصياته على ضرورة الإسراع بدراسة ملفات القروض المتعثّرة وإيجاد الآلية لإعادة إقراض المتعاملين المتعثّرين وتخفيض فوائد قروض المشاريع الإنتاجية و وتطوير النظام الضريبي ليكون أكثر عدالة و مرونة وتشجيع تأسيس الشركات المساهمة العامة ومشاريع التطوير العقاري وتمّ التأكيد على ضرورة تأسيس صندوق للتأمين على مختلف أنواع الكوارث بما فيها الأخطار التي تقع على المنتج الزراعي من خلال هيئة الإشراف على التأمين مع التوسع بنشر الوعي التأميني وأوصى المشاركون بتشجيع إقامة المزيد من ملتقيات رجال الأعمال نظرا لدورها في إحداث التشبيك والتواصل فيما بينهم وبينهم وبين الجهات الحكومية .
الباقي في العقل الباطن…
أما مالم يُشر إليه الملتقى فهو الأهم ربما – أو على الأكيد – وهو إقناع من يلزم أو إلزامه بالإقتناع بأن التكاليف الاستثمارية لأي مشروع ، تقتصر على التكاليف التقليدية التي يمكن حسابها بدقّة في دراسات الجدوى ، بعيداً عن الرشاوى و “تبييض الفال” التي اعتدنا في الإعلام أن نهذبها لفظاً وتسميتها “نفقات نثريّة” ، وهذه قد باتت في ثقافتنا جزءاً أصيلاً من تكاليف المشروع خلال مراحل التأسيس كافة بدءاً من الترخيص وحتى الإقلاع ، وفي مراحل الإنتاج أيضاً ثمة شركاء لا يسامحوا بحصصهم أبداً.
المشهد وفق هذه الصيغة المقيتة يبدو أكثر وضوحاً في التقاليد الرسمية الدارجة في أروقة مؤسسات محافظتي الساحل ..
وثمة سؤال شديد الإلحاح وهو : لماذا أخفقت الحكومة في توجهها التنموي المركز لمحافظتي طرطوس واللاذقية ، لا سيما طرطوس ، حيث نسب التنفيذ والإلتزام والإنجاز والعمل والفعل والإنقاذ وتلبية الاستحقات ، متواضعة بل منحدرة إلى مستويات باتت وصمة ” طرطوسية” يجري تداولها هنا بدمشق في الأوساط التنفيذية المركزية.
هل يقتنع محفزو الاستثمار هناك ، بأن المسألة أبعد من مجرد تنمية وتصل إلى حدود إنسانية و أخلاقية ، لأن تعطيل الاستثمار تحت ضغط المصالح الشخصيّة و نزعة الابتزاز ، هو حالة لا إنسانية ولا أخلاقية ، في محافظة تتقدّم ترتيب المحافظات الأسخى بتقديم الشهداء و قرابين التضحية والفداء للوطن ؟؟
هل يدرك أو سيدرك ” المحفزون” والقائمون على الجهات العامة ذات الصلة في طرطوس واللاذقية أيضاً، أن أسر الشهداء لا يجوز أن يبقوا أسيري حفنة مساعدات طارئة لسد كفاف أيامهم الخاوية ، و أن الاستدامة تقتضي توطين مشروعات تنمية حقيقية تؤمن أكثر من مجرد مصروف جيب لشاب أو فتاة وجدا نفسيهما على بداية طريق حياة حافلة بالمجاهيل.
Post Views:
0