الاصلاحية | خاص |
في القطاع المصرفي السوري ثمة أسئلة تحتاج لإجابات، لجهة آليات ومحددات عمل وترخيص المصارف الخاصة، ربما سيعتبرها البعض ساذجة لمجرد طرحها، لكن هناك ما يستفز العقل، بعيداً المصطلحات المصرفية ومتاهات عملها، التي قد لا يتقنها سوى المختصين، وأصحاب فكرة “الشريك الاستراتيجي”!.
مناسبة الاسئلة تأتي على خلفية ما كشفته البيانات المالية السنوية النهائية للعام 2017 لـ 11 مصرفاً خاصاً عن إيداع نحو 658.3 مليار ليرة سورية في مصارف خارجية!!، على شكل حسابات جارية تقل عن 3 أشهر، وإيداعات تزيد على تلك المدة، وهذا ما يعادل نحو 1.51 مليار دولار أمريكي، على أساس سعر صرف رسمي 436 ليرة للدولار في نهاية العام الماضي، وهو ما يشكل نحو 43 بالمئة من موجودات (أصول) تلك المصارف الـ11، والتي تجاوزت مبلغ 1530 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 3.5 مليارات دولار أمريكي، كما هي في نهاية العام 2017.
فمن خلال تتبع بعض المصارف الخاصة العاملة في سورية تظهر لدينا أسماء دول لم تتآمر على سورية وحسب إنما قادت الحرب ومولت الإرهاب بكل الوسائل، عموماً أسماء تلك البنوك لا تخفي نفسها وتدل بفظاظة على اسم الدولة التي يتركز فيها البنك الأم “الشريك الاستراتيجي”!، أحد تلك البنوك تابع لحكومة دولة خليجية ويحمل اسمها، ومن شركائه الاستراتيجيين في سورية التأمينات الاجتماعية ومصرف التوفير، وهو من ضمن البنوك التي أودعت أمولها في الخارج عند البنك الأم، وبالتالي فإن أموال بسطاء السوريين المسجلين بالتأمينات الاجتماعية أو المودعين في مصرف التوفير حطت رحالها في تلك الدولة، التي مولت من يقتلهم، كل ذلك بزعم تخفيف المخاطر، هنا لا نتكلم اقتصاد انما نتكلم عن حياة سوريين قضو على يد الارهاب الممول من تلك الدولة!.
وعليه نبدأ أسئلتنا “الساذجة” حول نوع العملة التي أودعتها المصارف الـ 11 خارج سورية (ليرة سورية أم دولار)؟، وهي في كلا الحالتين شكلت نزيفاً لأموال المودعين السوريين خارج بلدهم، في وقت كانت سورية ألأحوج ما تكون لكل ليرة سورية أو دولار، هنا نتذكر بداية الأزمة كان ثمة حديث تتناقله الألسن ولمسناه في مناسبات عدة، أن دولاً (عربية _ خليجية ) تآمرت على سورية جمعت كتل نقدية كبيرة بالليرة السورية، وراحت تستخدمها لخفض قيمة الليرة والضغط على معيشة المواطن السوري الذي بقي متمسكاً بدولته ومؤسساتها، ذلك بالتوازي مع حملات إعلامية وضخ أموال للجماعات الارهابية المسلحة التي تشتغل بأمرتها!، فهل ساهمت البنوك الخاصة بتجميع تلك الكتل النقدية؟.
طبعاً تأتي تلك البيانات المصرفية في غمرة الحديث عن توطين رأس المال السوري في العديد من الدول، وهنا نسأل كم ساهمت تلك المصارف الخاصة في نزيف الأموال السورية لتلحق برجال الأعمال الذين اختاروا العمل خارج بلدهم أيضاً لتخفيف المخاطر، فليس خافياً أن دور البنوك الخاصة العاملة في سورية اقتصر في سنوات الأزمة على تحويل الأموال “شركات صرافة”، وهنا نشير إلى أن البيانات كشفت أن إيداعات الزبائن لديها (بدون إيداعات المصارف فيما بينها) بلغت نحو 579.7 مليار ليرة سورية في تلك المصارف الخاصة الـ11، أي ما يعادل نحو 1.33 مليار دولار أمريكي،بينما إجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة (قروض وحسم سندات..بالنسبة للمصارف التقليدية، وبيوع مؤجلة وتمويلات.. بالنسبة للمصارف الإسلامية) بلغت نحو 298 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 638 مليون دولار أمريكي!!.
المطلوب قراءة صحيحة لاليات عمل هذه المصارف وبياناتها والتحقق في دورها بتهريب الأموال إلى الخارج، وتفسير وتوضيح مسألة الاصرار على الشريك الاستراتيجي الخارجي، حيث أن من بين 14 مصرف خاص يعمل في سورية لا نجد سوى بنك واحد تم استثنائه من هذا الشرط!.
الاصلاحية | صار وقتا..
Post Views:
0