الاصلاحية | منصة التحكيم |
سؤال خطير لا بد من طرحه على السيرة التي أثيرت مؤخراً بشأن مدير عام وموظفي شركة الاتصالات، وبعيداً عن التفاصيل وهو .. ألا يبدو نشر قرارات الحجز الاحتياطي في وسائل الإعلام إجراء مخالف لأدبيات مهنة الصحافة ؟؟
ناظم عيد | الخبير السوري | بالفعل ألا تمنع تقاليد المهنة النشر لمجرّد الظن وعدم وجود ثبوتيات إدانة دامغة ؟؟
ألا يمسي من حق المتضرر من النشر، عندما تثبت براءته، تحريك دعوى قضائية ” تشهير” بحق من نشر ومن أوعز بالنشر حتى ولو كان وزير المالية بصفته و شخصه، ثم هل النشر في وسائل الإعلام إلزامي قانوناً أم استنسابي ؟؟
تساؤلات ليست غير مشروعة على الأغلب من وجهة النظر القانونية، ولا بد من التحرّي عنها للتصويب إن ثبت أن ثمة خطأ يحصل في مثل هذا النوع من القرارات.
تساؤلاتنا كانت استهلالاً لوجهة نظر نظنها غير ممنوعة من التداول، وهي أن قرار الحجز الاحتياطي الذي ينصّب وزير المالية تقريباً في مقام ” نائب الحاكم العرفي”… لم يعد ناجعاً لجهة ضمان حق الدولة أو المبالغ العائدة للخزينة العامة، وهي الصيغة التقليديّة التي يخرج بها بكل ما تحمله من دلالات على الحسم الإصرار على محاربة الفساد و قطع الطريق على الضياعات المحتملة في قوام الأموال العامّة.
نؤكد أنه لم يعد ناجعاً اليوم في سياق اعتبارات ظرفيّة تتصل بتوالي “الملفات السوداء” وعدم التناسب – مطلقاً – بين قرارات الحجز الصادرة بتوقيع وزير المالية، وحالات الفساد التي تثار حولها الزوابع الإعلامية وتنتهي بإعفاءات، إلّا أن قرارات الحجز الاحتياطي “تصمت” تماماً عنها، بالتالي غدت قرارات الحجز حالة إعلامية – شعبيّة تفضي إلى غايات تتعدى حكاية “ضمان حقوق الخزينة” ؟!!
كما أنه لم يعد ناجعاً بسبب تراجع شعبية هذا التقليد الشهير، لأنه يبدأ بشكل فضائحي وينتهي في حال البراءة بصمت و أحياناً كثيرة بدون إعلان، بالتالي يكون القرار كمن ” شهّر برجل في ملعب أمام الجمهور ثم اعتذر منه في غرفة تبديل الملابس” لتبقى الفضيحة فضيحة في الأوساط الشعبية، وكلنا نعرف حجم الصدى المدوي للفضائح في ذاكرة مجتمعنا المعندة التي تأبى التعلّق إلا بالوقائع السوداء.
الجانب الآخر الأكثر احتضاناً للمفارقات، هو أن قرارات الحجز تأتي كما جرعة العلاج الكيماوي المدمّرة للخلايا السرطانية والأخرى السليمة معاً، وقد عاينا وقرأنا قرارات حجز في تاريخ وزارة المالية بحق “فلان” من الموظفين يشمل الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة له ولزوجته و أولاده، وتكون قيمة الأموال المحجوزة بعشرات أو مئات الملايين ضماناً لمليون أو عشرة ؟!!
وهذا يعني – إضافة إلى التشهير – التسبب بحالة شلل كاملة أو ربما تجويع لمتهم بالظن مع أسرته و أولاده، غالباً تكون النتيجة رفع الحجز و التوقيع على صك براءة ” المتهم” لكن بعد أن تكون ” الفأس قد وقعت بالرأس” كما يقال.
الآن لا بد من البحث عن آلية جديدة في التعاطي مع “سلطة” قرار الحجز الاحتياطي.
والأولوية رقم واحد هي عدم نشر قرارات الحجز في وسائل الإعلام، والاكتفاء بتعميمها عبر مراسلات عادية على الدوائر المعنية بأخذ العلم و التنفيذ، فما فائدة النشر إن كان الاجراء احترازي وليس إلّا..
الأولوية الثانية هي الحجز على قيمة من الأصوال تساوي حجم المبلغ الذي صدر القرار ضماناً له، أو على الأكثر ضعف المبلغ ، وهذه حيثية لا بدّ من إعادة النظر فيها دون تأخير.
فلنبحث عن صيغ أفضل و أكثر إقناعاً، لأننا اليوم بأمس الحاجة إلى إجراءات أكثر رصانة و أقل تسرعاً في محاربة الفساد، لأن الملفات المنطوية تحت عنوان “محاربة الفساد” تبدو كثيرة وعلينا توخّي عدم اختلاط الحابل بالنابل.
Post Views:
0