الاصلاحية | خاص |
استبقت وزارة الثقافة، الافتتاح المرتقب لمعرض الكتاب الثلاثين في 31 تموز الجاري، بفضيحة غير مسبوقة. تعبر عن هشاشة الوزارة ادارياً، وتلخص الطرائق التي تدار فيها الأنشطة الثقافية، وتشرح الدور الخجول الذي تلعبه الوزارة في المجتمع السوري.
ثامر قرقوط || تكمن فضيحة الثقافة، باختيار الشخصيات التي تعتلي المنابر، المفترض أنها مبنية على أسس ومعايير تستند إلى منجزات الضيوف، وأطروحاتهم، ومالديهم لقوله، وليس مكافأة لهم. وللضيف الذي أثار القضية المنجم مايك فغالي منجز كاد يستحق عليه جائزة نوبل بالاقتصاد، عندما بشر السوريين برأس السنة الفائت أن سعر صرف الليرة أمام الدولار سيصل إلى دولار واحد مقابل كل مئة ليرة. وهذا لايقوله شخص عاقل في العالم، لأن المعجزة الاقتصادية لو تحققت، يصعب عليها خلال عام واحد أن تصل بسعر الصرف إلى هذا الحد.
اعتدنا في العمل العام، على أن الوزير ومعاونيه وكبار المسؤولين لا يخطئون، وهم على صواب دائم. وهذا ما حاولت وزارة الثقافة عبر ردها ترسيخه. وكادت أن تمر الفضيحة، ويبلع السوريون ألسنتهم، وتصمت الأقلام، خاصة مع تجنيد الوزارة لمؤيديها ومطبليها دفاعا عن موقفها الضعيف. إلا أن بيان مقتضب لمديرة المركز الثقافي أعاد إحياء ما ينتظره السوريون.
تثبت وزارة الثقافة أنها غائبة عن المشهد الثقافي السوري منذ عقود، وتستمر في زراعة حالة الخواء، في الحياة الثقافية، المصابة بالتصحر والفقر. تلكم الحياة المجدبة التي لم تنتج مايستحق الاهتمام والتوقف عنده، سواء لناحية النصوص الابداعية الجديدة، أو لاكتشاف مواهب جديدة. والواضح أن هذه الوزارة تتعثر بخطواتها، لاتعير بالاً للسرقات الأدبية، والسطو على المنتجات الابداعية، وتتجاهل المبدعين، وربما تحاربهم.
لاتمتلك وزارة الثقافة مشروعاً وطنياً، لايوجد لديها رؤى لغرس القيم الثقافية عند الناس، استمرت بنهجها الاقصائي والاستبعادي والرافض لكل مايحمل في طياته مشروعاً تنويرياً. ويمكن أن تتحمل هذه الوزارة جزء كبيراً من وزر الحرب السورية، وماذا فعلت الأموال التي انفقت على المحاضرات التثقيفية والثقافية والندوات والأمسيات وطباعة الكتب؟.
لماذا قاعات المراكز الثقافية تصفر فيها الربح؟ والمقاهي تعج بالناس؟
لماذا خطيب الجامع يستقطب مريدين أكثر بآلاف المرات من المتناوبين، من المتثاقفين، على منابر المراكز الثقافية؟ أليس هناك مايستحق التساؤل، لماذا دور العبادة تغص بالرواد، والمراكز القافية مجدبة؟ بالتأكيد إنه المُنتَّج.
ما هو المُنتَّج المهم لهذه الوزارة خلال سني الأزمة؟ نشعر أن وزارة الثقافة مازالت تدار بعقلية رياض نعسان آغا، الاقصائية المتطرفة الرافضة لأي مشروع تنويري نهضوي.
من غير المعقول أن تكون وزارة الثقافة فشلت في إدارة أقل من 500 مركز ثقافي، فيما كان التسابق على بناء دور العبادة وتجهيزها يفوق التصور، ووفقا للمفتي العام للجمهورية وصل عدد المساجد في سورية إلى 25 ألفاً عام 2010. فإلى جانب دار العبادة، كنا نحتاج لقاعة تتحدث بالثقافة، وإلى مكتبة فيها ما يلبي رغبة جيل شاب متهم بالانعزال والغربة والتوقف عن القراءة.
نجحت وزارة الثقافة في خلق الأزمات، وماحدث، هو حصيلة تراكمات عمل ادري غير صحيح، ونتاج ترهل، وقصور معرفي، وغياب للرؤى. وقضية فغالي لن تكون الأخيرة، وسبقتها قضية يسر دولي. وحتماً يرفض المواطنون المشروع الظلامي، التنجيمي، التخلفي، الذي تقوده وزارة الثقافة.
هذا أيضاً، حال بقية الوزارات التي تعمل بلا رؤيا، وتتسابق على تسجيل نقاط وهمية. في 2013، استضافت وزارة الاعلام الناشط المصري أحمد سبايدر، فتحت له قاعة جامعة دمشق. أي مصيبة ابتلي بها الشعب السوري؟
تعرى القصور المؤسساتي، في فضيحة وزارة الثقافة، وظهرت حاجتنا الماسة إلى المؤسسات في هذه الوزارة وغيرها، وإلى عقلية تدير المؤسسات، ومؤمنة بها. وفي سورية ثمة مسؤولون كثر، ومؤسسات قليلة جداً، والدولة بحاجة إلى مؤسسات، وليس لأشخاص.
الاصلاحية | صار وقتا..
Post Views:
0