جاء في مقدمة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد «أن الفساد وباء غادر…فهو يقوض الديمقراطية وسيادة القانون، ويتيح ازدهار الجريمة المنظمة والإرهاب وغيرها من التهديدات لازدهار لأمن البشري» وأن «الفساد يضر بصورة غير متناسبة بالفقراء بتحويل الأموال المعدة للتنمية وتقويض قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساسية»، كانت سورية من بين الدول التي وقعت على هذه الاتفاقية عام 2003، وفي عام 2015 لم تصادق عليها.
“محطات حكومية في محاربة الفسات عبارة عن خطابات وندوات”
في عام 2011 تم تشكيل لجنة حكومية بموجب القرار 6080 من أجل تحديد وتوصيف جرائم الفساد وآليات مكافحته، وقدمت اللجنة تقريرها إلى مجلس الوزراء واُكتفي بنشره على موقع التشاركية لإبداء الرأي، علماً أنه في تشرين الثاني من ذات العام أقر مجلس الوزراء رؤية الحكومة حول الإصلاح الإداري وتوجهاته الأساسية والإجراءات التنفيذية المرتبطة بذلك. وكان “مكافحة الفساد وفق آليات رشيدة تضمن محاسبة المسيء وتشجيع المبادر وحمايته” من ضمن مرتكزات هذه الرؤية، والتي بموجبها تم تكليف رئيس اللجنة المشكلة بالقرار 6080 لعام 2011 بالتنسيق مع لجنة الإصلاح الإداري لوضع الصيغة النهائية لمشروع القانون المتضمن إحداث هيئة مستقلة لمكافحة الفساد تحل محل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.
في عام 2015 عُقد المؤتمر السنوي الأول للجهاز المركزي للرقابة المالية تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء، في إطار مناقشته واقع العمل في الجهاز ووضع استراتيجيات جديدة في سبيل تعزيز الرقابة الفعالة على أجهزة الدولة ومؤسساتها ومكافحة الفساد، وفي عام 2016 صدرت النسخة الثانية للمؤتمر، وفيه تم عرض التقرير السنوي عن عام 2015 والذي تم خلاله تقييم العمل في الجهات العامة والبحث في النقاط الأساسية لتقرير حجم العمل والأرقام؛ ولم تصدر نسخ أخرى بعد عام 2016.
في أيلول من عام 2017 تم إفراد محور كامل حول الفساد والخلل الإداري في سورية ضمن فعاليات مؤتمر “الشباب الأول للتنمية البشرية” الذي أقامته وزارة التنمية الإدارية والاتحاد الوطني لطلبة سورية.
أما عام 2018 عُقدت ورشة عمل في وزارة العدل بعنوان “تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد نحو استراتيجية وطنية لمكافحته” وكان من توصيات المؤتمر ضرورة تعزيز مبدأ سيادة القانون أمام القضاء لضمان معاقبة الفاسدين، وفيها قال السيد وزير العدل «نعلم أن حركة الفساد موجودة وأصبحت مستشرية في مجتمعنا» إلا أنه شدد أن الوزارة ليس بمقدورها وحدها أن تفعل شيئاً، إلا أن رئيسة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش أكدت بأن حلول مكافحة الفساد موجودة لكن ينقصها التفعيل.
كل ما سبق يجعلنا نتساءل لماذا تخصيص جلسة وليس اتخاذ إجراء، طالما الأساس النظري لبحث “ظاهرة” الفساد والآليات والمقترحات الكفيلة بالحد منه موجودة في أروقة الحكومة والمؤسسات العامة، لماذا لا نبدأ حيث انتهى الآخرون؟؟!! آن الأوان لاتخاذ قرار واضح وجرئ بالمحاسبة والمعاقبة، فلا مجال للدبلوماسية في معالجة الأخطاء، ولا وقت كافٍ لإجراء النقاشات والاجتماعات والجلسات؛ معادلة مكافحة “معضلة الفساد” واضحة وبسيطة وهي معالجة أسبابه انطلاقاً من تحسين المستوى المعاشي للمواطن، وتعيين “حَسَنُ السمعة والسلوك” في المناصب الإدارية العليا، والتسريع بمحاسبة الفاسدين والمهملين في إدارة الشأن العام، وما تبقى تحصيل حاصل.
علماً أن سورية تحتل المرتبة الثالثة عالمياً وفقاً لمؤشر مدركات الفساد.
الاصلاحية | صار وقتا..