الاصلاحية | منصة التحكيم |
لاتصدقوا أن مكافحة الفساد أو محاربته، سيتحقق على يد الحكومة الحالية، هذا ضرب من خيال، أمنية جميلة لكنها مستحيلة، رغبة مؤجلة إلى إشعار آخر، هدف سام محفوظ ببنك أوليات عمل الحكومات المتعاقبة.
ثامر قرقوط | وإذا اعتقدت الحكومة أنها بطرحها هكذا موضوع، عقب عامين من تشكيلها، سترفع منسوب شعبيتها، فتكون غردت خارج السرب. ومن أبرز أسباب التشاؤم، طرائق تعامل الحكومات المتعاقبة مع الفساد، وسنورده لدى كل حكومة على حدة.
حددت حكومة عماد خميس في بيانها الوزاري ستة أوليات لعملها، احتل بند مكافحة الفساد المرتبة الرابعة:”البناء المؤسساتي والتنمية الإدارية ومكافحة الفساد”. وفي مجال السياسات الحكومية ألزمت نفسها ب:”تبني استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد الإداري”. حتى الآن الحصيلة اجتماع واحد لمناقشة الفساد.إنها الصحوة المتأخرة.
وضعت حكومة وائل الحلقي تسع أوليات عمل، جاء بند مكافحة الفساد في المرتبة السابعة، وورد فيه: يأتي موضوع الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد، كأحد أهم الركائز الأساسية بيد الحكومة، لتنفيذ برامج عملها. وحددت لنفسها ضرورة “معالجة جذور الفساد، وفضح الفاسدين والمفسدين، وتطهير المجتمع منهم”. هذه الرؤية نفذتها حكومة الحلقي بطريقة مدهشة. فعندما وجدت تلك الحكومة نفسها بلا عمل، ابتدع رئيسها الحلقي قصة ” محاربة الفساد المالي والاداري” وبدأ بفصل العاملين في القطاع العام، وكان يظهر هكذا خبر مرتين في الأسبوع في الصحافة المحلية، ما يعني ضمان ملء جدول أعمال رئيس الحكومة، وضرورة ظهوره الاعلامي اليومي. والحصيلة: خبران لمحاربة الفساد، خبر اجتماع مجلس الوزراء، خبر للجنة الاقتصادية المصغرة (لاحظوا هذه التسمية ليكون رئيس الحكومة رئيسا للاجتماع) خبر استقبالات ولقاءات، وخبر جولة ميدانية، واليوم السابع استراحة، وهو اليوم الحقيقي في عمل تلك الحكومة.
شكلت حكومة عادل سفر مطلع أيار 2011، عقب شهر من تأليفها، لجنة مهمتها “تحديد وتوصيف جرائم الفساد وآلية ملاحقة ومعاقبة مرتكبيها”. وقدمت اللجنة مقترحاتها خلال شهر، كما طلب منها، وطوي الموضوع. لا جديد، هذه هي حصيلة عمل اللجان في سورية.
كانت حكومة محمد ناجي عطري أكثر الحكومات السورية قدرة على التلاعب بالألفاظ، وأكثرها نبشاً للمصطلحات. تلك الحكومة كانت تؤكد حرصها الدائم على “مكافحة أسباب الفساد وجميع مظاهره”. وهي الحكومة التي رفضت تأسيس جمعية أهلية تعنى بمكافحة الفساد، فيما وزيرة فيها وأكاديمية (ديالا الحج عارف) تحاضر حالياً بالفساد وتوصيفه وطرائق مكافحته.
بالمسطرة ذاتها نقيس على عمل الحكومات السابقة، التي لم تستطع محاسبة فاسد واحد، رغم اعترافها بالفساد.
إذاً لنأخذ المعيار الدولي في الفساد، صنفت منظمة الشفافية الدولية سورية في ذيل قائمتها السنوية لمؤشر مدركات الفساد 2017، بحصولها على المركز 178 من أصل 180 دولة. وإذا كانت سنوات الحرب ليست مقياساً، فإن البلاد حصلت في 2010 على المركز 127 من أصل 178 دولة، وأحرزت 2.5 نقطة ما يدل على مستوى فساد كبير. كل الحكومات المتعاقبة كانت ترى في هذه التصنيفات، أن المنظمات الدولية لا تحب سورية.
السؤال المهم ويختزل الكثير من المسافات: هل الحكومة هي من ستُحاسِّب في هذا الملف الشائك، أم هي مُتهمَّة؟.
تمتلك الدولة مؤسستين، الجهاز المركزي للرقابة المالية، والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، ومن المفترض أن تكون خالية من الفساد. لكن الواقع يقول غير هذا، إذ لدينا مؤسستان متضخمتان، وربما مكبلتان، لأن حصيلة عملهما، مع المؤسسات الأخرى، في مجال محاربة الفساد هو: صفر.
لاتصدقوا أن الحكومة ستحارب، أو ستعالج، أو ستكافح الفساد، إلا إذا رأيتم الرؤوس اليانعة قد قطفت، وأن أموال الفساد حُوِّلت للشعب، وأعيدت ممتلكات الفاسدين للدولة السورية.
اقرأ أيضاً:
_ محطات حكومية في رحلة النفس الطويل لمكافحة الفساد.. الشعب لم يعد يصدق!
_ مع بدء عمليات حرب الفساد.. ارتفاع منسوب الـ “أنا” عند بعض الوزراء تجاه مرؤوسيهم!
Post Views:
0