الاصلاحية | دراسة |
دعت دراسة صادرة عن مركز “مداد” إلى إعادة النظر في جانب كبير من سياسات التعليم السائدة في سورية، من خلال تغيير سياسات القبول ليس الجامعي فقط؛ بل ما قبل الجامعي وتوزع الطلاب بين فروع التعليم الثانوي من منظور العلاقة بين مخرجات التعليم بأنواعها المختلفة الخاضعة لتوازنات قوة العمل المطلوبة لكل قطاع.
الدراسة كانت وصفت واقع التعليم في سورية ومشكلاته التي تمثلت بضعف التوازن بين التطوير الكميّ والنوعيّ، حيث أشارت الدراسة إلى أن ارتفاع معدلات الالتحاق بالتعليم وتحسن مراميه الكمية لم يرافقه قدر كاف من التحسن في الجانب النوعي للتعليم مع ملاحظة غياب منهجيات تقييم تأثير وجدوى المناهج المعدلة، ومدى ترافق تعديلها بأدوات تنفيذها: الوسائل ونوعية الكادر التعليمي والتدريسيّ.
ولفتت الدراسة إلى أن رفع معدلات الالتحاق بالتعليم وبناء أهدافه من منظور تعليمي بحت بعيداً عن المواءمة مع قدرة الاقتصاد والمجتمع على استيعاب مخرجات التعليم حول الصروح التعليمية تحوّلا إلى مسبب من مسببات البطالة (التركيبة الهيكلية للاقتصاد السوري تمتاز بتقليدية مفرطة من حيث توزع المشتغلين حسب الحالة التعليمية، كما تعاني المحافظات المتطورة تعليمياً من معدلات بطالة مرتفعة في صفوف المتعلمين، ويشير توزع المتعطلين الجامعيين إلى وجود متعطلين من كافة فروع التعليم من الطب إلى الهندسات بأنواعها).
الدراسة قالت إن جهات التعليم العالي تسير في تحديد هدفها المتعلق بسياسات القبول وتحديد معدلات الالتحاق بالتعليم العالي بصورة غير معروفة الهدف، وطرحت تساؤلاً قالت إن الاجابة عليه تكتسب أهمية قصوى في رسم أهداف التعليم: ما هو معدل الالتحاق بالتعليم العالي المناسب والمتوافق مع درجة تطور الاقتصاد السوري (المكون المعرفي في المنتجات السورية)؟,
وأشارت الدراسة إلى الاختلال الكبير في تركيبة وتوزع الطلاب بين فروع التعليم الجامعي يرد منشؤها إلى سياسات توزيع الطلاب في مرحلة ما بعد التعليم الأساسي بين فروع العلمي والأدبي والمهني الصناعي والتجاري وغيرها. يؤدي هذا الخلل بحسب الدراسة إلى خلل أكبر في سوق العمل من حيث توازنات الموارد البشرية المطلوبة في كل قطاع من قطاعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
واعتبرت الدراسة أن سياسات التعليم أفرزت تفاوتاً في جغرافية المتعلمين، فالفائض والعجز بين المحافظات السورية عمّقا التفاوت التنموي بين هذه المحافظات.
وأضافت: إن نجاحات التعليم في تكوين السلوك الاجتماعي قابلها قصور كبير في تأثيره الاقتصاديّ، فالتأثير الاقتصادي للتعليم ما يزال بسيطاً فإنتاجية العامل في حدودها الدنيا (متوسط أجر العامل في العام أكبر من إنتاجيته السنوية)، كما أن العائد على التعليم هو محبط وغير مشجع على متابعة التعليم بصورة جوهرية، وإن كان هذا الأمر يعني السياسات المالية المتعلقة بإصلاح الرواتب والأجور، إلا أنه مجال عمل كقضية عبر قطاعية بين سياسات التعليم والسياسات المالية.
وقالت الرداسة: من الناحية النظرية زيادة المستوى التعليمي تعني احتمالية أكبر للحصول على فرصة عمل، إلا أن مؤشرات المطابقة في سوق العمل تشير إلى عكس ذلك، فارتفاع المستوى التعليمي يقابله احتمال أكبر للتعطل، وإذا ما أخذنا بالحسبان أن نسبة لا يستهان بها من الخريجين الجامعيين يعملون بأعمال لا تتناسب مع مستوى تحصيلهم التعليمي يمكن حينها تصور حجم المشكلة.
ولفتت إلى أن نظم الرواتب والأجور غير محفزة على التعليم، وتشكل أحد أهم أسباب هجرة الكفاءات من جهة، أو انضوائها تحت أعمال أكثر ربحية كالتجارة والصناعة، والعمل بأكثر من عمل.
وعليه وجهت الدراسة بضرورة إعداد نموذج لقوة العمل المطلوبة طيلة مراحل إعادة الإعمار، وهنا لا بد من إثارة التساؤل التالي: هل تعرف وزارتا العمل والتعليم العالي حجم قوة العمل المطلوبة لكل قطاع؟ إذ، تمثيلاً لا حصراً، سيتعرّض قطاع الإنشاءات في المستقبل القريب إلى ضغوط كبيرة؛ ذلك أنَّ هناك تساؤلاً يتعلّق بمدى كفاية عدد المهندسين من أجل تلبية حاجة هذا القطاع نفسه في المرحلة القادمة.
ودعت إلى إصلاح نظام الرواتب والأجور بشكل يجعله مُحفِّزاً على زيادة التحصيل العلمي وبشكل يشجع تعزيز الكفاءة، ويزيد العائد على التعليم والمهارات.
واقترحت إنشاء هيئة لمراقبة جودة التعليم من منظور خارجي لا يقوم فقط على تقييم المناهج والأهداف التعليمية فقط؛ بل الحكم على جودة التعليم من منظور تأثيره الخارجي، وإنشاء مرصد لمراقبة الخريجين من حيث مساراتهم في سوق العمل.
كا وجهت باحتساب صحيح لمؤشرات التعليم، هناك عدد من مؤشرات التعليم يتم احتسابها بصورة تعكس التطور، وتخفي في طياتها مشكلات كبيرة، ومنها: منهجية احتساب معدل الالتحاق بالتعليم الثانوي الذي يؤخذ كنسبة من الناجحين في التعليم الأساسي بدل الفئة العمرية، ومعدل التسرب الذي يُفترض أن يحسب بتتبع فوج تعليمي.
وأوصت بتبني سياسة وطنية للهجرة تحدد الموقف العام من الهجرة (توسعي أو انكماشي). للاطلاع على الدراسة كاملة: اضغط هنا.
المصدر: مركز دمشق للدراسات والابحاث “مداد”
Post Views:
0