الاصلاحية | خاص |
صفاء أحمد | مع بداية كلّ سنةٍ دراسيّة جديدة تبدأ هواجس الأسر السورية و مخاوفها من تمكّنها أو عدم تمكّنها من اختيار المدرسة الأنسب لأبنائها في كافّة المراحل العمريّة و خصوصاً أنّ طبيعة العلاقة بين الطالب بمعلمه أصبحت إحدى إشكاليّات العمليّة التربويّة و التعليميّة في آنٍ معاً .. (و التعليم في أغلبه مجّاني في مراحل التعليم الأساسيّة في سوريا كما تعلمون ).
هذه العلاقة التي تعرّضت إلى شرخ واضح في العقد الأخير لأسباب كثيرة كان أهمّها تبدّل مفاهيم التربية و التعليم والمناهج المرافقة لها على مستوى العالم تماشياً مع الكمّ الهائل من التطوّر الحاصل في مجال أبحاث علم نفس والمعرفة و ما يتبعه من تفصيلات تتفرّع عنه، وتماشياً أيضاً مع تطوّر تطبيقات التكنولوجيا في حقل التعليم والتعلّم.
لينا دالاتي (أمّ لتلميذ في الصفّ السادس الابتدائي ) تشرح مخاوفها من طرائق التّعليم التي سيتلقّاها ابنها ربيع في المدرسته بعد أن علمت بأنّ هناك نقص في الكادر التدريسيّ و تستغرب عدم حرص إدارة المدرسة على إعطاء المنهاج بشموليّته و تنوّعه، وشكت بأنّ حصّة الموسيقى في السّنة الدراسيّة الماضية حُوّلت إلى درس فراغ، (وماذا يعني درس الفراغ بالنسبة للإدارة )؟!. وبأنّ حصّة الرياضة حُوّلت أيضاً إلى درس اجتماعيّات … (لنرى كيف سيكون حظّ ربيع هذه السنة ) تتابع الأمّ حديثها بنبرة استهزاء.
أمّا براءة (معلّمة الموسيقى ) في إحدى المدارس العامة أخبرتنا كيف استطاعت أن تعطي دروس الموسيقى (معلّمة ساعات كما يطلقون عليها في نظام التعليم لدينا ) مع أنها خرّيجة معهد مهني ..( الحمد لله انّي استطعت الحصول على ساعات تدريس بشقّ الأنفس بسبب كثرة المتقدّمات من أجل هذا الشاغر …حظي قوي …) قالت براءة و ابتسامة رضا و فوز تعلو وجهها !!.
فيما استطاعت “دينا” النجاح بمسابقة المعلّمين الأخيرة باختصاص مرشد نفسي، وعبرت عن فرحها بأنّ عملها بالإرشاد النفسي لن يتطلّب منها مجهوداً كبيراً كما هو حال اختصاصات التدريس المختلفة في المدارس ( يعود الفضل بذلك إلى مديري الذي يمكن إسكاته ب((كيلو بنّ)) شهرياً.. تقول متفاخرة: (وعدني بأنّه لن يدقق على ساعات تواجدي في المدرسة و لن أتحمّل أعباء اختصاصي التي تفرض عليّ التعرّف على أغلب مشاكل الطلبة و ما تحمله من تفاصيل اجتماعية تستدعي التواصل مع الأهل و مع الطلاب و الأسرة التعليمية).
رأي:
واقع الحال (كلٌّ يغني على ليلاه و أنا على ليلي أغني.. و أضحك بسخرية مما يجري – أتذكّر كلّ تلك اللقاءات التي أجريتها في ميدان عملي الإعلامي والتي استضفت من خلالها اختصاصيين في شتّى المجالات يتّحدثون عن معاركنا كشعوب عربيّة بشكل عام ..و كشعب سوري بشكل خاص .. و أحاول أن أحصي عدد المرّات التي حاولت فيها أن ألفت انتباه أصحاب الشأن التربوي لخطورة ما يجري و أهمية عدم الاستهانة بضرورة تطبيق المنهاج و تنوّع حصصه (على علّاته ) محاولةً منّا تحقيق توازن ما في نفوس طلابنا التي أتعبها واقع تعليمي محلّيٌّ يعاني ما يعانيه من نواقص العمليّة التعليميّة والتربوية (مع كامل تقديرنا للتجارب الناجحة كتجربة هيئة التميز و الابداع و التي ننتظر أن تشمل كل حقول المعرفة بلا استثناء ) وخصوصاً في الأرياف ، و يحاول الارتقاء ما أمكن بإنسانٍ ينتظرُ النهوض في دواخل أجيالنا ليكون ندّاً صعب المنال أمام أقرانهم من أجيال شعوب العالم المتمدّن.
Post Views:
0