الاصلاحية | خاص |
نعم قد تنجح الحكومة بفريقها الحالي كما معظم الحكومات السابقة في محاربة أي شيء إلا “الفساد”، لا يبدو أنها تمتلك منهجية لذلك!!.
فهد كنجو | هنا سنتحدث عن المساحة التي تهمنا كعاملين في مجال الإعلام، مثلاً أي مادة صحفية تحمل بعض المؤشرات وأحياناً معلومات عن ارتكابات في جهة ما أو ترهل أو فشل، أقصى ما يمكن أن تفعله رئاسة مجلس الوزراء هو إرسال المقالة إلى الجهة صاحبة العلاقة لتبيان رأيها حول ما حملته من معطيات وإشارات، ولا مرة أرسلت المقالة إلى جهات رقابية لتفتش وتتقصى عن الأمر.. هل تنتظر رئاسة المجلس مثلاً أن يعترف الوزراء أو المدراء أنهم أخطأوا التقدير أو ارتكبوا مخالفة أو حتى فشلوا في مهمتهم؟!،طبعاً لا، سيكون لديهم ألف تبرير لما تضمنته المقالة بحقهم، وربما يقنعون الرئاسة بأنهم مستهدفين شخصياً من هذه الوسيلة الإعلامية أو على الأقل من الصحفي كاتب المقالة!!.
منطقياً كعاملين في الحقل الإعلامي نحاول دائماً النظر إلى رئاسة مجلس الوزراء كمؤسسة قيادية لمختلف المفاصل الادارية التنفيذية، تماماً كما يجب أن تكون، وليس كفريق موحد متضامن مؤلف من أشخاص، إذا ما انتقد أحد أعضائه هب قائد أو باقي أعضاء الفريق لنصرته أو على الأقل لتصديقه واعتبار كلامه وتبريره “طابو” فالوزراء بنظر بعضهم لا يخطئون طالما أنهم يعملون وفق توجيهات حكومية على الأقل هذا ما يسوقونه عند اتخاذهم أي قرار أو إجراء.
يُنقل عن لسان أحد الأعضاء البارزين في الحكومة الحالية، أن أي نقد يوجه للحكومة هو نتيجة الصراعات بين رجال الأعمال، أو أن من ينتقد عملها غير وطني!!.. صراحةً لا نعلم ما الذي جعل مسؤول رفيع المستوى يتوصل إلى هذه النتيجة؟!.. لكن يمكن التخمين أن بعض الاشكاليات التي تعاطى بها الاعلام حول قضية ما، تعرضت لنقاشات مطولة في الجلسات الوزارية المغلقة، وبدت هذه النتيجة مريحة لجميع الأعضاء طالما أن النقد يطالهم مجتمعين ومفردين!.
واقع الحال يشي بأن الحكومة الحالية كما سابقاتها لا تمتلك منهجية واضحة للتصدي للفساد، رغم عقدها العزم على مكافحته واجتثاثه في جلسة مركزة!!، وما بدر مؤخراً من بعض الوزراء يدعم هذا الاعتقاد، وهم بطبيعة الحال أوكلت لهم المهمة، باعتبارهم أصحاب سلطة بحسب رأي رئيس مجلس الوزراء، وما ساقه وزير المالية مؤخراً حول إمكانية منح مكافأة للمواطن الذي يبلغ عن فاسد، واحد من مؤشرات عدة لعدم امتلاك خطة أو منهجية واضحة.
إلى ذلك أتت ردة فعل الوزراء بعد جلسة المجلس بخصوص محاربة الفساد متخبطة وارتجالية بعيداً عن العمل المؤسساتي، ماذا يعني أن يصرح وزير النقل مثلاً أنه نصب نفسه مدعياً شخصياً على عدد من موظفي مديرية نقل ريف دمشق بعد أن ظهروا في فيلم فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي على أنهم يتقاضون رشوة أو إكرامية، ما أدى إلى وضعهم في السجن قبل أن يقول القضاء كلمته؟!، ولولا ردود الفعل الاعلامية السلبية على ما حدث ربما لوجدنا أغلب المسؤولين يحذون حذوه ليظهروا وكأنهم أبطال محاربة الفساد!!.
طبعاً الوزير نفسه سبق له في اجتماع مع مديريه ان هددهم بالسجن، فعلها أيضاً وزير التجارة الداخلية قبيل عطلة عيد الأضحى، سبقهم إلى ذلك وزير المالية بعام (نقل الإعلام عن لسانه في أحد الاجتماعات أنه اتصل ليسال إن كان هناك أماكن تتسجع لمساجين جدد هي كانت إشارة توعد وليست تحفيز)، وزير آخر يزور احد المنشآت التدريبية التابعة لوزارته ويهدد القائمين عليها بالسجن!!.
لقد حارب السادة الوزراء ونجحوا بتصرفاتهم تلك من حيث لا يدرون أي احتمال لجعل الشارع يثق بسعيهم ضد الفساد، أكثر من ذلك هم بتصرفاتهم تلك وطريقة تنفيذهم للتوجه الحكومي لنبذ الفساد والفاسدين من دوائر الدولة، يفرغون الأمر من مضمونه، ليغدو موضوع “الفساد” ومحاربته، مجرد موضة تظهر وتخبو تبعاً للظروف المحيطة!!، هم نجحوا أيضاً في إشغال الإعلام الذي تحول لمجرد وعاء يفرغون فيه ما بجعبتهم من نظريات وخطط “إصلاحية”، دون السماح له في متابعتها على أرض الواقع أو نقدها، هم نجحوا في محاربة كثير من الأشياء والأفكار لكن حكماً حتى الآن لم ينجحوا في محاربة الفساد!.
صار وقتا..
Post Views:
0