الاصلاحية | منصة التحكيم |
منذ نحو عام تقريباً كان هناك على صفحات “فيسبوك” السوريين كثير من الضجر حول ما تبثه الشاشة الوطنية يشبه إلى حد كبير ما هو حاصل منذ صباح أول أمس الخميس عقب بث حلقة “صباح الخير” على إيقاعات “حبي دبي”.
فهد كنجو | قبل ذلك بعام كانت ثمة محاولة لضخ ما قالوا إنها روح جديدة للشاشة الوطنية والتخلص من رتابتها بكسر إيقاعها “الخشبي” على الأقل هذا ما كان يسوق له القائمون على إدارة المرئي، ذلك على خلفية الإعلان الرسمي لتطوير الاعلام الحكومي، أتت تلك المحاولة مع تفجر قضية فائض العمالة التي كان من المفترض أن يتم التخلص منها بترحيلها إلى باقي وزارات الدولة ألأمر الذي لم يحدث.
لكن ضجر السوريين “المشاهدين” الذي عبروا عنه عبر الفيسبوك لم تكن بسبب “الفائض وتداعياته” إنما كانت نتيجة ظهور برنامج مستنسخ تحت مسمى “كلام كبير” كادر العمل لهذا البرنامج لم يكن على ملاك التلفزيون “متعهد”، وبعيداً عن رداءة ما قدمه هذا البرنامج الذي كان يحاول محاكاة وتقليد برامج بثتها شاشات لبنانية، حيث دارت كل الانتقادات حول هذه المسألة مع عدم أهلية المقدم وتفاهة المضمون وما إلى ذلك، كان ثمة سؤال مهم حينها لم يطرحه أحد: “كيف نتحدث عن فائض عمالة ثم نأتي بعاملين من خارج الملاك ليقدموا برامج على الشاشة الرسمية؟!”.. كان واضح أن الاجابة عن هذا السؤال تتعلق بعدم توفر الكفاءات القادرة على الابداع وإنتاج مواد اعلامية جاذبة للجمهور ناهيك عن افتقاد التمويل المادي.
وكانت اختراقة برنامج “كلام كبير” للشاشة الوطنية رغم أنها لم تستقر طويلاً مؤشراً على “نوايا” القائمين على إدارة المرئي الرسمي حينها، ويمكن قراءتها على أنها كانت تميل إلى الاعتماد على كوادر من خارج المكعب الأزرق، “وجوه جديدة” وقوالب وآليات عمل جديدة تتيح التمويل الذاتي للبرنامج من خلال تعهيده لمن هو قادر على تأمين رعاية والاستثمار فيه، ولو نجح برنامج كلام كبير وبقي كبيراً في ذاكرة واهتمامات الجمهور، لتجرأ أصحاب تلك النوايا على المجاهرة بها وتعميمها، لكن تلك التجربة سقطت مع بقاء النوايا، ربما تنجح في مكان آخر وبآلية أخرى على ما اعتقدوا!!.
بعد انطلاقة الهوية البصرية للإعلام الرسمي عاد عماد جندلي صاحب “كلام كبير” إلى كواليس الشاشة الوطنية بدلاً من ان يكون في الواجهة كمقدم لبرنامج يرعاه ويدفع مبلغ مادي لقاء شغله لتلك المساحة الزمنية، عودة الجندلي كانت عبر برنامج “صباح الخير على “السورية” كان اسمها الفضائية السورية قبل الانطلاقة البصرية الجديدة، تنحى الجندلي عن الظهور مباشرة بتقديم البرنامج، لكن رعايته لصباح السورية مكنه من فرض شروطه باستقدام مذيعات من خارج الملاك وأيضاً التدخل في إعداد الفقرات والضيوف وما إلى ذلك من تفاصيل على ما تؤكد مصادر من الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون.
طبعاً الطريقة “الجندلية” إذا ما صحت التسمية للصيغة العقدية بين التلفزيون الرسمي وعماد الجندلي لاستثمار الفترة الصباحية لـ”السورية” تقتضي التشويق والإثارة، فالرجل يتكلف مادياً وبالتالي فهو مهتم باستقطاب الجمهور وبأي وسيلة، مذيعات جميلات غير متقيدات برصانة الإعلام الحكومي وضيوف ممن يعتقد أنهم قيمة مضافة بالجذب بغض النظر عن الرسالة الاعلامية المراد إيصالها للجمهور وسياسة المحطة، جذب الجمهور يعني بالمقابل تهافت المعلنين على هذه الفترة لبث إعلاناتهم ضمنها يعني بالنهاية الربح المادي.. هكذا يفكر أي مستثمر!!، وبالتالي تصبح إيقاعات “حبي دبي” ورقصة “كتاف” المطرب الشعبي بهاء اليوسف أهم بكثير من “فيروزيات الصبباح” و”رقصة ستي”.
لقد حرص عدد كبير من المشاهدين على متابعة الحلقة في الإعادة عند الثانية ليلاً بسبب ما افتعلته من ضجة على الفيسبوك، مجرد الاعلان عن استضافة بهاء اليوسف قبيل يومين من صبحية الخميس، كان كفيل بدفع شريحة لا بأس بها من الجمهور ربما من باب الفضول لاكتشاف كيف سيكون الأمر (بهاء – الساعة 10 الصبح – قناة رسمية – حبي دبي – طبل) كل ذلك سيبدو مدهشاً، فلا أحد يحب أن يبدأ نهاره على صوت الطبل، ذلك الحشد الشعبي لن يؤسس إلى قاعدة جماهرية للبرنامج على الأقل ردود الفعل على الحلقة وقبلها على “كلام كبير” تؤكد ذلك.
و ما اصطلحنا على تسميته بالتجربة “الجندلية” في الإعلام الرسمي، ونقصد تعهيد برنامج أو فترة بث لمتعهد أو مستثمر، لا يبدو انها تنجح في الإعلام الرسمي، خاصة أنه ووفق مطلعين ليس لـ”الجندلي” تجربة سابقة في الإشراف على برامج وإدارتها أو حتى رعايتها، وعادة عندما تريد أي جهة عامة تعهيد أي مشروع مهما قل شأنه حتى لو كان مجرد “مراحيض” في كراجات لمستثمر فإنها أول ما تطلبه في دفتر الشروط هو الخبرة في تنفيذ مشاريع مشابهة!!.
يحاول القائمون على تطوير الإعلام والشاشة الوطنية تسويق أنهم يفكرون من خارج الصندوق، لكنهم تصرفوا خارج المنطق، فوجدوا أنفسهم أمام كم هائل من النقد والسخرية، أسماء كثيرة في الهيئة انتفضت لتعبر عن استيائها لما آل إليه واقع الحال، لا يبدو ذلك وليد صدفة على هدي قرقعات “حبي دبي” إنما مؤشر على عدم الرضى العام، يكفي الدخول إلى صفحاتهم لتقرأ معلومات وتحصل على معطيات تؤشر للفشل القادم من المكعب الأزرق، وليس لمجرد هفوة كالتي حصلت مع مذيعة لم تعرف قراءة أشهر ما قاله أبو العلاء المعري وبدلاً أن تقول أبو فراس الحمداني قالت أبو فارس!!، بضع طالبات من كلية الإعلام تم انتقائهن وتدريبهن لأشهر على أن يقدمن الفترة الصباحية، بحسب ما تداوله عاملون في الهيئة على صفحاتهم، تم استبعادهن وجيء بفريق “الجندلي”، كل ذلك يضعنا أمام كثير من الأسئلة التي قد تجيب عنها الأيام المقبلة.
لأنو صار وقتا..
Post Views:
0