الاصلاحية | خاص |
منذ أسابيع وحالة الازدحام مستمرة على الأفران في عدة محافظات، ذلك الازدحام جاء نتيجة تخفيض مخصصات الأفران من الطحين، تخفيض تبرره وزارة التجارة الداخلية بأنه محاولة لتخفيف الهدر، وللضغط على تجار الطحين، وخاصة بالنسبة للأفران الخاصة.
فهد كنجو | تؤكد الوزارة أن المتاجرين بالطحين التمويني يحققون أرباحاً عالية أكثر من 200000 الف في كل طن من الطحين، وعليه اعتبرت أن تحديد الكميات سيمنع اولائك المتاجرين من التلاعب، حيث أجرت الوزارة دراسات (سرية) لمعرفة حاجة الفرد اليومية من الدقيق في مختلف المناطق، وعليه تم تحديد الكميات اللازمة، ما قطع الطريق على حد اعتقاد الوزارة على من كان يقدم بيانات وهمية للحصول على كميات فائضة عن الاحتياجات الحقيقية ليتسن لهم بيعها في السوق السوداء!!.
لكن ما حصل وسبب الازدحام على الأفران هو أن حصة الفساد بقيت ثابة، والفاسدون لم يفرطوا بها، فكانت على حساب حصة المواطن، وحصة الفساد يمكن تقسيمها هنا إلى عدة حلقات، الحلقة الأولى هي تلك التي كانت تمنح الزيادة التي قالت الوزارة إنها وهمية لذلك يمكن التكهن بأن حصتهان تقلصت نسبياً لعدم تمكنها من زيادة حصة الحلقة التي تليها وهي حلقة أصحاب الأفران، الذين يبيعون قسم من الطحين إلى السوق، هذه الحلقة وفق ما يظهر قللت من كميات الطحين المخبوزة، لصالح عدم تراجع حصتها من بيع الطحين، ما سبب من تراجع حصة المواطن وسبب الازدحام!.
في رحلة بحثنا استطعنا الحصول على كثير من المعلومات التي تؤكد مدى ربحية الأفران الخاصة لجهة بيع كميات من الطحين والمازوت التي تحصل عليها بأسعار رمزية مدعومة، تؤكد مصادر مطلعة أنه في السنوات الأخيرة تراوحت قيمة “الرشاوي” التي تدفع للحصول على رخصة لفرن الخبز الآلي بين 20 و30 مليون ليرة سورية يضاف إليها قيمة البناء والتجهيزات، ذلك رغم أن هامش الربح لصناعة الخبز محدود، ما يعني أن استرداد رأس المال يحتاج إلى وقت طويل، إذ يتضح أن طالب الرخصة وضع في حساباته مسبقاً بيع الطحين والمازوت المدعومين في السوق السوداء لاسترداد رأس المال وقيمة الرشاوي التي دفعها في أسرع وقت ممكن.
طبعاً إضافة لذلك ثمة حلقات فساد لا بد لها أن تنال حصتها أيضاً وستكون على حساب حصة المواطن، لكنها تبقى أقل وطأة من الحلقتين السابقتين، وهذه من اختصاص الأفران الحكومية التي ستتحمل العبء الأكبر، وكلما زاد الازدحام على الأفران ينشط الباعة “الصغار”، ذلك بالتعاون مع العاملين داخل الفرن، تباع ربطة الخبز بحوالي 150 ليرة أي ضعفي ثمنها الرسمي!.
وللهدر أيضاً حصته من رغيف الخبز، تجارة الخبز اليابس رائجة، وانخفاض ثمن رغيف الخبز يجعله محط أنظار المربين ليدخل ضمن التشكيلة العلفية لحيواناتهم، وللهدر عدة أسباب غير السعر المنخفض للرغيف الذي جعل الحيوانات تتقاسمه مع البشر، وهي العادات الاستهلاكية للأسرة السورية، تشتري كميات زائدة عن حاجتها، خوفاً من انقطاع المادة، ما يعرض كميات من مخزون العائلة للتلف!!، الوزارة كانت توجهت مؤخراً لتصغير حجم الرغيف لصبح قطره 25 سم، لتخفيض نسبة الهدر المنزلية.
الكلفة التقديرية لربطة الخبز (7 أرغفة) تقدر بحوالي 300 ليرة سورية، فيما تباع بسعر 50 ليرة سورية أي أن الدعم المخصص هو 150 ليرة سورية، من المرجح أن الوزارة في دراستها توصلت إلى كمية استهلاك الفرد من الخبز، وعليه كان من الحكمة لو تنشر الدراسة وتضع سيناريوهات أخرى لدعم هذه المادة الاستراتيجية وتحييدها عن سكة حلقات الفساد، فالواضح أن لجوئها إلى تخفيض مخصصات الأفران من الدقيق وفقاً للحاجة الفعلية، أدارتها حلقات الفساد بحرفية لتذهب من حصة المواطن وليس من حصة لصوص الطحين، ولا حتى من الفاقد نتيجة الهدر.
ثمة من أشار إلى سيناروهات أخرى قد تنفع في هذا الاتجاه، أولها التوسع بالأفران الحكومية تمهيداً لسحب الرخص من القطاع الخاص، الذين يشكلون رأس المشكلة فحتى لو حصلو على كيس طحين واحد سيخبزون نصفه ويبيعون نصفه الاخر في السوق، الأمر أصبح عرفاً لديهم، لكن ذلك سيحل أكثر من نصف المشكلة.
سيناريو آخر ربما يحتاج إلى جرأة من صانع القرار، وهو تحرير سعر الخبز أو على الأقل رفع سعر الخبز وفقاً لسعر الكلفة الحقيقية شريطة أن يعاد ضخ قيمة الدعم عبر قنوات معينة تصل إلى المواطن، يمكن مثلاً صرف راتب تحت مسمى “راتب خبز” لكل المواطنين.
الاصلاحية | صار وقتا..
Post Views:
0