الاصلاحية | خاص |
شهدت الآونة الأخيرة احتشاد “إعلاميين” ولدوا بالأمس في الوسط الإعلامي، وهموا ليبدأوا مسيرتهم من المكان الخاطئ الذي عد خصيصاً للمصنفين من القامات في عالم الصحافة والإذاعة والتلفزيون، ممن تراكمت خبرتهم عبر سنوات كثر، وحفظت الأذهان طلتهم وصوتهم وأقلامهم.
رماح اسماعيل | خطوة جيدة هي إقامة مراكز للتدريب الإعلامي لمن يهوى هذا الطريق ولم يتح له دراسة الإعلام في جامعة دمشق، لكن الخطوة غير الجيدة تعويم من لازال “يحبو”، وفي سجله سنوات قليلة من العمل تعتبر سنوات من “التأسيس” وحتى لم يدخل مرحلة صناعة الاسم الإعلامي الراسخ، أن يقف أمام حشد من الطلبة المتدربين المتعطشين لتجربة “المايك” وإعداد التقارير، ممن هم لا يدركون معلومة أن ليس كل من يظهر على التلفاز ويشاهدونه على الشاشة في تقرير بالأمس أو برنامج منذ أسبوع يسمى “إعلامياً”.
في سؤالنا لإحدى المتدربات اللواتي أنهين “كورس” تدريب إعلامي على يد أحد أولائك “المدربين” قالت: “لقد وقعت في فخ من حسبت أنه قامة إعلامية” كونه يظهر في برنامج خاص به على إحدى القنوات، ويعتبر وجه “سوشال ميديا” من الطراز الرفيع، فالمتدربة شعرت أنها لم تستفد أبداً من الدورة التي أجرتها في أحد المراكز وبسعر لا يعتبر ضمن المقبول مقارنة مع اسم المدرب، فالاسم الكبير إعلامياً قد تعتبر كلفة تدريبه للمهتمين ضمن أيام قليلة مقبولة مهما بلغت كون المتدرب يتتلمذ على يد اسم مهم سيخرج باستفادة كبرى بعد ذلك حتى ولو لم يوظف الخبرة في المجال الإعلامي واحتفظ بها لنفسه، ذلك لأن من يمتلك “الواسطة” ليس بحاجة لدورة تدريب إعلامي فمرحلة وصوله إلى الشاشة هي من المنزل إلى الاستديو، والدليل على ذلك ما يفجع به المشاهد عبر شاشاتنا المحلية في برامج الصباح والمساء، داخل الاستديو وفي التقارير الخارجية، أما من يسعى للتدرب إعلامياً هو مناضل التفت فلم يجد سنداً فأدرك أن الطريق شائك وطويل، واستحالته احتمال وارد جداً، خاصة في زمن إعلاميي “أبو فارس الحمداني” و”الدبكة الصباحية”.
متدرب آخر وصف تجربته في إحدى الدورات الإعلامية ب “الخلبية” فما جناه هو فقط معرفة شخصية بالإعلامي الفلاني لا أكثر، فلم تلبي له ما يريده، ولم تسنح له الفرصة لضيق الوقت والعدد الذي لا بأس فيه من المتدربين أن يعد تقريره الخاص بهدوء كما كان المبتغى، على الأقل ليحتفظ به لنفسه أو ليقدمه مع سيرته الذاتية إذا كان من المحظوظين وجاءت فرصته الذهبية.
لا شك أن فرحة “الإعلامي” الذي يصنف فتياً في الوسط لا توصف حين يؤستذه متدربوه ويهرعون لالتقاط “السيلفي” معه توثيقاً للحظات تواجدوا فيها معه ضمن قاعة واحدة، وهنا لا ننكر أن الوسط الإعلامي السوري غني بشبان حملوا رسالة الإعلام بجدارة ومن منابرهم كإعلاميين وليس كمدربين، فالتدريب هو تدريس وإعداد لجيل من المفترض أن يعد بعناية فائقة لعله يخلع وجه العثرات عن ملامح إعلامنا وينهض به من جديد، وتلك المهمة تحتاج لصقل خبرة والصقل يحتاج لسنوات من التجارب المختلفة لا يمكن أن تتشكل بسنوات قليلة.
وفي نهاية المطاف، سنبقى على مانحن عليه، بل سنتراجع خطوات نحو الاسوأ مادمنا نرى الإعلام من زاوية تجارية، فالرسالة لا يمكن أن تكون تجارة وإن كانت كذلك فهي ظرف فارغ المضمون، خاصة أن كلية الاعلام راحت في الاونة الاخيرة تعتمد على عدة أسماع من العاملين في الاعلام الرسمي لتدريب الطلاب، ربما ذلك نتيجة نقص في الكوادر، لكن بنظرة سريعة لتاريخ تلك الاسماء المهني نجد أننا سندور في حلقة مفرغة لجهة خلق حالة إعلامية خارج النمطية التي يعاني منها الاعلام الرسمي.
Post Views:
0