الاصلاحية | خاص |
كتب ثامر قرقوط | القرار الذي لا يخدم الناس هو قرار فاشل، والتوجه الذيلا يؤدي إلى منفعة عامة، محكوم عليه بالموت. ومع ذلك تجلد بعض المؤسسات الحكوميةالمواطن بآراء، يمكن وصفها بأنها أقرب إلى “الخزعبلات” وتسطيح الفكر،وذر الرماد بعيون الناس وعقولهم.
والمثال الذي يمكن طرحه، هو ما تفكر به الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات، بدراسة حجب المكالمات الصوتية والفيديو عبر الإنترنيت. إذ تلبس هذه الهيئة قناعاً يحجب عنها الرؤية، أو أن قفازاتها الحريرية لم تعد تطيق آلام الناس ومواجعهم، وهي ترمي إلى زيادة عبء جديد على شعب أكثر من ثلاثة أرباعه فقراء.
التخبط الذي تعيشه هذه الهيئة، يثير الشجون، فمع كل انفراجة اقتصادية، تتولى مؤسسة أو هيئة أو جهة حكومية دوراً تسعى من خلاله إلى خطف فرحة الناس، أو تغتال من بين شفاههم ابتسامة مرتقبة. الأسبوع الماضي كان لافتتاح معبر نصيب الحدودي، صدى عالمياً، وكان لطوابير السيارات الأردنية، التي أتت فارغة وخرجت محملة بالبضائع السورية، تفسير وحيد وهو: أن هذه البضائع رخيصة الثمن بالنسبة للأشقاء. فتح المعبر أمام الأشقاء، وظل التساؤل: كيف تخرج هذه المنتجات، ويحرم على السوري الدخول إلى البلد الشقيق دون موافقة أمنية؟ أو يمنع السوري وفقاً لقرار الحكومة السابقة، أن يتجاوز ما يحمله من منتجات غذائية أكثر من مواد صحبة المسافر؟ هذا الخلل لم يعد منطقياً، لكن الكارثة التي تريد خلقها الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات، تفوق التصور.
ما جدوى هكذا قرارات؟ هل تريد الهيئة زيادة أرباح شركات الاتصالات والهاتف النقال؟ فرضت هذه الشركات العقود الاذعانية على مشتركيها، أسعاراً وخدمات وشروطاً. وكل من لم يرضخ لها، لا يحق له استخدام خدماتها. رفض بعض المثقفين السوريين، في وقت سابق، استخدام تقنية الهاتف النقال نظراً للشروط القاسية وغير المنطقية المفروضة بحق المشتركين، لكن موقفهم هذا ذهب أدراج الرياح، عندما صارت الخدمة على المستوى الشعبي، ولم تلتفت جهة ما لصوت الناس المطالب بأجور هاتف وأنترنت معقولة. وفي هذا السياق، مازالت تلك الأجور هي الأعلى مقارنة بالدخول، وكل من يقارن هذه الأجور مع دول أخرى، متجاهلاً معطى الأجر أو الدخل هو يضلل صانع القرار ومتخذه.
تتلطى الهيئة المذكورة، ووزارة الاتصالات، خلف حجج غير صحيحة. إذ على المستوى العالمي لا يتجاوز عدد الدول التي تحجب هذه الخدمات أكثر من 10%، وكل دولة لها موقفها غير المقنع إطلاقاً، وغالباً ما يتعلق بالأمن الوطني. وسنضرب مثالاً حياً ومحلياً، سمحت سورية في ربيع 2011 استخدام خدمة الفيس بوك. ماذا حدث؟ كل الحجج التي كانت تُسوَّق لمنع هذه الخدمة تبين أنها كانت محض افتراء.
لنأخذ الأرباح، حققت شركة سيرتيل أرباحاً خلال العام الماضي قيمتها 38.4 مليار ليرة، وبلغت أرباح شركة MTN (6.16 ) مليار ليرة، وحتما شركة الاتصالات السورية رابحة، وكل المؤشرات تؤكد أن الأرباح في تزايد، وهذا شيء إيجابي. لم يبق إلا مبرر مخيف وهو: هل تريد الهيئة تعويض شركتي سيريتل و MTN عن النسبة التي تسددانها للحكومة جراء العقد المبرم؟
لاتحتاج الأفكار النبيلة، التي تخدم المواطن، لمن يدافع عنها، ولمجرد طرحها تحظى بالتأييد، نظراً لمنفعتها الكبيرة. بهذا المعيار لايمكن تصنيف رغبة الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات في حجب بعض الخدمات، سوى أنها ضمن الأفكار غير النبيلة، والرؤى السوداء. لتفكر هذه الهيئة بمنتجات وشروط جديدة، تعيد ثقة الناس بالقطاع الذي يبيض ذهباً.
Post Views:
0