الاصلاحية | خاص |
ظاهرة لافتة، أن يتوارى معظم أصحاب رؤوس الأموال وأعضاء الفعاليات الاقتصادية وكأنهم يعيشون في جزيرة معزولة عما يحدث في سوق القطع.
فهد كنجو | لم يفعلو ذلك عندما استفاق الشارع الاقتصادي منذ نحو عام (صبيحة يوم الاثنين 27 / 11 / 2017) على قرار المركزي المفاجئ بتخفيض سعر دولار الحوالات من 490 إلى 434، لتضييق الفجوة مع دولار السوق الموازية المنخفض، راجع الاصلاحية “المركزي: هبوط قاسي لسعر الحولات“.. وقتها قامت الدنيا ولم تقعد!.
على إثر ذلك اضطرت الحكومة أن تعقد عدة اجتماعات مع الفعاليات الاقتصادية لرأب الصدع، حيث كان لانخفاض السعر وقتها وقع الصدمة على كثير من أصحاب رؤوس الأموال، حاكم مصرف سورية السابق دريد درغام قال في معرض تبريره للقرار إنه وجه ضربة للمحتكرين وكانت رسالة لهم لنكتشف فيما بعد أن مزارعي الحمضيات كانوا أول الضحايا، راجع الاصلاحية: هل تكون التضحية بموسم الحمضيات ثمناً عادلاً لإيصال رسالة إلى المحتكرين ؟!، فيما اعترفت الحكومة بشكل غير مباشر أنها لا تملك سياسة نقدية واضحة (ربما كانت هفوة) راجع الاصلاحية: “في هذا الاجتماع الحكومة أقرت بضبابية السياسة النقدية؟.
في مناسبة الانخفاض الحاد لسعر صرف الليرة السورية، وارتفاع دولار السوداء، لا شيء يدعو للقلق، عقدت الحكومة اجتماعها الروتيني دون أن يرشح عنه أي إشارة لتداعيات ذلك أقلها على معيشة المواطن، المهم أن الفعاليات الاقتصادية لم تضغط ، تبدو مرتاحة لمآلات الأمور في سوق القطع، وباستثناء تصريح يتيم لرئيس اتحاد المصدرين لصحيفة محلية حاول من خلاله التخفيف من خطورة ارتفاع الدولار في السوق الموازية من جهة وعدم الخروج عن الواقعية من جهة أخرى بتأكيده أن سعر الصرف سيعود ليتوازن (لم يقل أن الدولار سينخفض)، باستثناء ذلك غاب رؤساء واعضاء الفعاليات الاقتصادية تماماً عن المشهد، ربما بعد أن وجد بعضهم نفسه محط اتهام، حيث أن بعض التقارير الاعلامية التي تقف وراءها “مصادر مطلعة” حكومية وربما مصرفية أشارت بأصابع الاتهام لأصحاب رؤوس الأموال بأنهم وراء المضاربات على سعر الصرف لاحراج حاكم مصرف سوريا المركزي الجديد وتحقيق أرباح راجع الاصلاحية: “تقارير إعلامية تؤكد فشل موجة المضاربة على الليرة“!.
طبعاً لا أحد يمكنه أن يتكهن باتجاهات سوق القطع، وكل ما يتداوله الإعلام يبقى مجرد تنبؤات تصيب أو تخيب، وإن كانت تغذيه “مصادر مطلعة” على ما نقرأ، ذلك لعدة اعتبارات أولها أنه لا يوجد مركز رصد حقيقي لحاجة السوق من القطع، لجهة وجود نوعين من الاستيراد واحد وفقاً للاجازات التي تمنحها وزارة الاقتصاد، وآخر اصطلح تسميته الاستيراد تهريباً وهذا النوع الاخر يبتلع النسبة الأكبر من القطع الاجنبي ولا يمكن تحديده بدقة، ربما هذا يفسر ازدياد الطلب الذي لا تجد “المصادر المطلعة” له مبرراً، طالما أن الشهر الأخير من العام وفق رأي تلك المصادر عادة يشهد زيادة في الطلب على الليرة وليس على الدولار!!.
ربما فات تلك “المصادر” أن توضح للإعلام أن بدء حركة إعادة الإعماء في الربع الأخير من هذا العام ولو بشكل جزئي يؤشر إلى إمكانية ازدياد وتيرتها مع بداية العام القادم، وما أن تفتح الأسواق العالمية أبوابها سيرتفع الطلب على القطع الأجنبي لاستيراد نحو 85 % من مستلزمات إعادة الإعمار، أمر يدركه التجار تماماً.
لم يخطئ الحاكم السابق في مثل هذه الفترة من العام السابق عندما كان سعر دولار السوداء أقل بكثير من تسعيرة المركزي، قال حينها لا يوجد مؤشرات اقتصادية حقيقية تدعم ذلك الانخفاض، لقد كانت مضاربة عكسية والانخفاض وهمي.
قد يبدو الجميع مرتاح لسعر دولار مرتفع نسبياً عن التسعيرة الرسمية، ونقصد بالجميع الفعاليات الاقتصادية وأيضاً الجهات الحكومية النقدية، ويحاولون ترك الأمر لقوى العرض والطلب (هامش المضاربة لا يبدو مقلقاً)، فيما تبدو الأخيرة أكثر حذراً، ذلك سيزيد من الضغط على معيشة المواطن الذي واجه في الأسبوعين الاخيرين وحيداً زيادة أسعار وصلت نسبتها 20 % في بعض السلع، ربما ذلك ما يفسر حالة الصمت والترقب مع تمرير رسائل بين الفينة الأخرى موجهة للشارع عبر “مصادر مطلعة” بأن الدولار سينخفض وسيخسر المضاربين، إضافة لمحاولة إلقاء اللوم بما يخص ارتفاع الاسعار على الجهات الرقابية (التموين).
هامش: انخفاض سعر الليرة في فترة موسم الحمضيات سيبدو مناسبة مواتية لاختبار سلاسة انسياب صادراتنا من الحمضيات، بناءً على مخرجات الاجتماعات الحكومية الكثيرة التي من المفترض أنها برمجت خطتها لاستثمار هذه اللحظة.
لأنو صار وقتا..
Post Views:
0