الاصلاحية | خاص |
يقف حاكم مصرف سورية المركزي حازم قرفول أمام مفترق طرق، فإما أن يكذب المؤشرات الاقتصادية المتداولة، باعتبارها وهماً، أو ينزلق إلى الرواية غير الواقعية ويلقي التهم، ويهدد باجراءات غير مالية، لكبح جماح سعر الصرف.
كتب ثامر قرقوط | وتستمر رحلة البحث عن عدو الليرة الوهمي، مقابل غض الطرف عن عدوها الحقيقي. تدل معظم المؤشرات المتوافرة، أن سعر الصرف من المفترض، أن يكون لمصلحة الليرة. إذ أن الحركة الاقتصادية النشطة، لجهة التصدير والمعارض والتسويق ووفرة الانتاج، فضلاً عن العامل السياسي المؤثر جداً في تحديد سعر الصرف، كلها عوامل ايجابية تؤدي إلى خفض سعر الصرف، أو تثبيته، فماذا حدث؟.
من سوء طالع الحكومة، أن يصل سعر صرف الدولار إلى 500 ليرة، في توقيت ليس بمصلحتها، وهو مناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة 2019. لكن لن تعير الحكومة بالاً لهذا الأمر، ولن تلتفت إلى المطالب المحقة بضرورة شرح أسباب هذا الصعود، ولن تهدر وقتها الثمين في تعريف الناس بما جرى. وستكتفي كعادتها، باعتبار هذا الارتفاع غير مبرر، وستدعو الناس إلى المحافظة على مدخراتهم بالليرة السورية، وربما تذهب إلى أقصى حد، وهو لصق التهمة بالمضاربين، بصفتهم أعداء لليرة.
لم تعد مقنعة، الرواية اليتيمة وهي المضاربة، التي كان يستند إليها حاكم مصرف سورية المركزي الأسبق أديب ميالة. وتصريحات الحاكم السابق دريد درغام بقدرته على تثبيت السعر عند حد 200 ليرة، كانت أشبه بمزحة اقتصادية. لكن الحاكم الحالي قرفول، صامت، لم ينبس ببنت شفة، وهي عادة حكام المصارف المركزية بالتقليل من الكلام والإكثار من الفعل. لكن يبدو أن الفعل أيضا غائب. فالحاكم الثاني للمصرف المركزي في حكومة عماد خميس، مازال يستنهض قواه، ربما يستعد لقول شيء ما، وهذا سيكون الاختبار الأول له، وما نتمناه ألا يكون الأخير، وأن يكسر القاعدة التقليدية في التعاطي مع سعر الصرف، ويقول ما ينفع الناس.
لايحتاج سعر الصرف إلى التبرير، كما لاتنفع معه حملات التهديد والوعيد، هو يعبر عن ذاته، وإذا كانت السلطات النقدية تضرب بعرض الحائط بكل المطالبات الرامية للتفسير، فلا يمكنها تجاهل تبعات هذا السعر، وليس بمقدورها التغاضي عن الخسائر التي تلحق بالناس. رفع سعر الصرف يعني كارثة اقتصادية ومالية للناس، ومصيبة نقدية للاقتصاد الوطني. هذا ما لاتراه الحكومة، ولاتعيره السلطة النقدية انتباهها، ولا يوجد مسؤول قلبه على مدخرات الناس، وزيادة كلفة الحياة المعيشية المتدهورة عليهم..
ما خسره الشعب السوري بسبب الحرب الكارثية في كفة، وما يخسره بسبب سوء الادارة وغياب الاجراءات المطلوبة في كفة ثانية، وهي الكفة الراجحة للأسف. ألحق الدولار الضرر بالناس، وأصاب منهم مقتلاً، دمر مدخراتهم، وبدد قيمتها النقدية، وظل الشغل الشاغل لهم، نظراً لتأثيره القوي في حياتهم المعيشية. ولاتنجو سوى بضعة سلع تحتكرها الدولة انتاجاً من سطوة الدولار، وما بقي يرضخ لصعود سعر الصرف.
ارتفاع سعر الصرف هذه المرة يختلف كلياً عن المرات السابقة، أسبابه داخلية بحتة، وهو ما لاتستطع الحكومة قوله للناس. وربما يكسر قرفول القاعدة، ويصارح المواطن، مستعيداً الثقة، وفي أضعف الايمان يخبر الحكومة بأن سعر الصرف يواجه مشكلة مستعصية، تحتاج لاعادة تصحيح المسار الاقتصادي.
Post Views:
0