الاصلاحية | خاص |
كتب ثامر قرقوط | غادر الوزير عاطف النداف وزارة التعليم العالي في التوقيت المثالي له، الذي ينقذه من محاسبة قاسية، علمية وأكاديمية ومجتمعية، على الحال الذي آلت إليه الجامعات السورية، في أسوأ تصنيف لها في مؤشرات التقييم الدولية.
تسلم النداف حقيبة التعليم العالي، وتصنيف الجامعات السورية أقل من مقبول، وفقا لمؤشر (ويب ماتريكس) الذي يشمل الجامعات السورية من بين 22 ألف جامعة، في حين هناك مؤشرات أخرى لاتدخل فيها جامعاتنا. وخلال فترة تولي النداف حقيبة التعليم العالي 2016 ـ 2018 تراجعت جامعة دمشق من المرتبة 4404 إلى 10906، وهو تراجع غير مسبوق، وغير مبرر، وشكل صدمة حقيقية لكل المتابعين للشأن الجامعي في سورية، وبدد الفرحة الناتجة عن تحسن ترتيب جامعات سورية أخرى، كجامعة تشرين من 7828 إلى 5094، والبعث من 8972 إلى 7123.
التراجع في ترتيب الجامعة السورية الأم، أي دمشق، قد يكون ذنب لايغتفر، وفي الوقت عينه حالة لاتستحيل على التفسير، فهنا لايبذل أي باحث المزيد من العناء والجهد لمعرفة الأسباب، التي يتصدرها التراخي وغياب الارادة الحقيقية في تحسين مستوى العملية التعليمية وجودة مخرجاتها، إضافة إلى الشروط الواجب توافرها لتحقق الجامعات مراكز متقدمة في الترتيب العالمي.
يعلم النداف وهو الأستاذ الجامعي، ومارس العمل الاداري والتعليمي في كلية طب الأسنان، خطورة هذا التراجع وأسبابه، ويعرف عن كثب مشكلات الجامعات السورية، والتحديات التي تواجهها. لكن ما حصل خلال أكثر من عامين من تبوئه منصب التعليم العالي، يثير المخاوف، خاصة إذا اضفنا مجمل القرارات المتخذة، والتي لم تنل القبول من طلبة الجامعات. ولم يك هذا التصنيف مستغرباً، فكل ما يتعلق بالتعليم العالي لايرضي أحداً، والعملية التعليمة تتعرض لأقسى درجات التراجع، وثمة تساؤلات كثيرة يطرحها الأساتذة الجامعيون، تخوفاً من استمرار التراجع في سوية التعليم العالي، بما يصعب لاحقاً تجاوزه بسهولة. كما يرفض أساتذة كثيرون، مشهود لهم بالكفاءة العلمية والنزاهة، أن تكون الحرب وويلاتها سبباً رئيساً في هذا التراجع، بدليل أن جامعة تشرين يتحسن ترتيبها، مقابل تدهور كبير في تصنيف جامعة دمشق العريقة والتي ستحتفي عقب خمسة أعوام بمئويتها الأولى. ويدق هؤلاء ناقوس الخطر، ويحذرون من التراخي المثير للعجب والتساؤلات، أن يكون وضع التعليم العالي الذي يضم نحو نصف مليون طالب سوري، بات مشكوكاً بكفاءته وجودته، بينما ظل هذا التعليم هو حجر الزاوية المهم في العملية التنموية السورية، ويرفد البلاد بكوادر كفوءة.
يتبوأ النداف حالياً وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، التي لاتقل أهمية عن سابقتها، وترتبط بالناس مباشرة ويومياً، ويوجد فيها ملفات متشابكة ومعقدة، كالخبز والأسعار، وقضايا المستهلك والنشاط التجاري الداخلي …الخ، وهي ملفات كانت كفيلة بإفشال وزراء كثر، أتوا ليصلحوا ويعدلوا فيها، فحالفهم الفشل أغلب الأحيان. ماذا سيفعل الوزير النداف الأن؟ وهل سيدير حماية المستهلك كما فعل في التعليم العالي؟وصل التعليم الجامعي إلى حافة الهاوية، وثمة أسئلة كثيرة تتعلق بأداء الوزارة والوزراء الذين تعاقبوا على هذه الحقيبة ومنهم النداف، خلال الفترة الماضية، فيما وضع المستهلك السوري أسوأ بكثير من الطالب السوري ومؤسساته المعنية، هذا ما يثير القلق والتخوف بأن رحلة النداف في التجارة الداخلية تحتاج معجزة كبيرة حتى يبقى المستهلك محافظاً على توازنه.
ننتظر ما سيقوم به النداف، وما سيقدمه للمستهلك، وكيف سيعالج التحديات الهائلة التي تبدأ بالتسعير وتنتهي بمتابعة الأسواق، وتقفز إلى الاستراتيجيات لاسيما في الخبز والقمح. في الملف الاستراتيجي الأول أي التعليم العالي، خرج منه النداف وهو في أسوأ أحواله، وهذا مؤشر سلبي تجاه الملف الاستراتيجي الثاني الذي سيديره أي حماية المستهلك.
#لأنو_صار_وقتا..
Post Views:
0