الاصلاحية | تربية وتعليم |
الاعتداءات التي طالت عدداً من المدرسين مؤخراً في محافظة طرطوس وإن كانت فردية وغريبة عن ثقافة المجتمع السوري، إلا أنها مؤشر على تنامي ما يمكن تسميته “العنف في المدارس”، وهي مقلقة في بلد بدأ للتو مرحلة التعافي من سنوات حربه الطويلة ضد قطعان الإرهاب والأفكار المتطرفة.
أماني صديق | طبعاً العنف الذي يرافق العملية التربوية والتعليمية في سورية يبقى في حدوده الضيقة جداً فطبيعة المجتمع السوري لا زالت تحافظ على إرث حضاري طويل فرض قدسية خاصة للمؤسسات التربوية والتعليمية، التي تقدم خدماتها بالمجان، ويؤمن المجتمع بها إيمانه بمستقبل أبنائه المحصن بالعلم .
وزارة التربية استشعرت مبكراً الآثار النفسية للحرب على المجتمع السوري وانعكاساتها على العملية التربوية، واستنفرت طاقاتها لتفادي مظاهر العنف المدرسي، سواء أكانت بين الطلاب أنفسهم، أم بين الطلاب والمدرسين.
يؤكد وزير التربية عماد العزب أن المعلمين والإداريين الذين يثبت عدم أهليتهم في القطاع التربوي ويمارسون سلوكيات غير تربوية أقرب للعنف، هناك من يحاسبهم ويردعهم عن ممارسة العنف ضد الطلاب، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى حالات أظهرت تمادياً من بعض الطلاب على المعلمين وإدارة المدرسة، فالمدرسة كما يوضح وزير التربية: “بيئة شاملة تحتوي على فئات تتباين سلوكياتهم وطبائعهم وفقاً للبيئة التي نشؤوا وتربوا فيها، فكل سلوكيات الطلاب في مجتمعهم المحلي تصب في المدرسة، وتشكل هذه الحالات تحد لنا جميعاً من مجتمع وأسرة وحاضنة تربوية، فدور الأسرة مهم في إرشاد أبنائهم إلى السلوكيات الصحيحة، ودورنا كمؤسسة تربوية تركيز الانتباه وتعزيز الرقابة لسلوكيات الطلبة وانفعالاتهم، وأنماط تفاعلاتهم فيما بينهم وبين البيئة التربوية ككل.
ويرى العزب أن الحل ليس فقط بتطبيق العقوبات المنصوص عليها بقوانين صريحة سواء أكانت للطالب أم للمدرس أو لأي جهة تربوية في حال ثبت التعدي والعنف بمختلف أشكاله، لكن الأهم وفق تقديره يكون من خلال العمل على إيجاد آليات تربوية ونفسية من أجل منع انتشار هذه الأفعال، والتوجه نحو المعالجة والمكافحة ثم العقاب كمرحلة أخيرة.
وبخصوص ما حدث مؤخراً من تعدِ بالضرب على المدرسين يعبر العزب عن أسفه لذلك ويضيف: “من واجبنا كوزارة تربية حماية من ينتسب لهذه المؤسسة من أية إساءة أو تعد، وعليه تعاملنا مع ما حصل وفق ما تنص عليه القوانين والأنظمة المعمول بها في سورية، وجهودنا تنصب حالياً لمنع تكرار ذلك، من خلال آلية ردع يكون للمجتمع دوره فيها، وهنا لا بد من تفعيل ما يمكن تسميته بالإعلام التربوي لتعزيز ثقافة احترام العملية التربوية بما فيها من مؤسسات وكوادر، وقد بدأنا بالفعل من خلال ما نملكه من وسائل إعلامية وتربوية وبالتشبيك مع وسائل الإعلام الرسمية والخاصة لنشر الوعي المدرسي بين أفراد المجتمع، فالتربية لا تقتصر على تلميذ ومدرس في قاعة صفية وحسب، إنما هي حلقة مجتمعية متكاملة من الأسرة إلى سائق الحافلة التي تقل التلاميذ إلى مدارسهم مروراً ببائع القرطاسية والمواد الغذائية التي تجذب التلاميذ وصولاً إلى المعلمين في القاعات الصفية، ويختم وزير التربية بالتأكيد أن كل العناصر الفاعلة في البيئة المحيطة بالمدرسة والتي يتعامل معها الطالب والتلميذ بشكل مباشر نعتبرها ضمن أسرتنا التربوية”.
Post Views:
0