الاصلاحية | منصة التحكيم |
تحدث رجل الأعمال السوري فيصل عطري المقيم في الصين عن “أكذوبة دعم الدول الصناعية”، وكتب عطري على حسابه الشخصي على فيسبوك أن البعض يبتز الحكومة لدفعها لاتخاذ قرارات تصب بخانة مصالحه أو لتغطية فشله بمنافسة البضائع المستوردة، من خلال الادعاء أن الدول الصناعية تدفع نسباً تصل لـ17% كدعم مالي للصناعيين!!.
واسف عطري لأن تنطلي مثل هذه السذاجة على رجال اقتصاد لهم مكانتهم بعالمي المال والاقتصاد فيكررونها متناسيين خبراتهم دون أن يخطر ببالهم السؤال البسيط: “ماذا ستستفيد تلك الدول إن منحت الصناعي هذا الدعم؟”.
وأشار الرجل إلى ما قال إنها آليات الدعم الحقيقية التي تقدمها دول مثل الصين وتركيا وهما الأكثر دعماً للصناعيين والتي تدحض أكذوبة الـ17%، حيث يتمثل الدعم ببنى تحتية قوية وقوانين مطورة تسّهل عمل الصناعيين، مستعرضاً الدعم في الصين على اعتبار أنه مقيم فيها ويعمل بمجال التصدير.
أمنت الصين الدعم لصناعييها بوسائل متعددة من أهمها:
– تعديل القوانين بحيث أصبحت أكثر تساهلاً بتقديم القروض وأكثر صرامة وتشدداً فيما تعلق باستردادها.
– بناء مجمعات صناعية بمناطق مرخصة وبأسعار تشجيعية و أوعزت للبنوك بتمويل القروض لشراءها من قبل الراغبين بشروط ميسرة دفعة أولى بسيطة والتقسيط يصل لـ25سنة.
– بناء مدن سكنية مخدمة بالكامل قريبة من هذه المناطق الصناعية وسمحت للبنوك بتمويل القروض لشراءها من قبل الراغبين بشروط ميسرة للغاية دفعة أولى بسيطة والتقسيط يصل لـ20سنة.
– تزويد المدن الصناعية والسكنية بالتيار الكهربائي وبكافة الخدمات اللازمة لإنجاح هذه المشاريع وقدمت الإغراءات لبعض سلاسل المطاعم والسوبرماركت أن تفتح افرعاً لها بتلك المدن.
– احتساب تسعيرة مخفضة للتيار الكهربائي ببعض المدن القريبة من منابع التيار الكهربائي مما جعل تلك المدن أكثر ملائمة لبعض الصناعات التي تستهلك كمياتٍ ضخمة التيار الكهربائي كصناعة الألمنيوم والبلاستيك.
– سمحت للبنوك بتمويل قروض شراء الألات الصناعية بفوائد قليلة وضمانات بسيطة دفعة مالية وضمان نفس الألة ولمدد طويلة تصل ببعض الحالات لعشر سنوات.
– غضت النظر عن عشرات آلاف الورشات الغير مرخصة و المصانع الصغيرة.
– غضت النظر عن المنشآت التي تتهرب ضريباً وتصّدر منتجاتها طالما أنهم لايقوموا بمخالفات خطيرة.
– عدلت قانون العمل الخاص بها بحيث أصبح أكثر حزماً مع العامل دون أن يسمح لرب العمل أن ينتقص من حقوقه.
– قدمت التسهيلات لإنشاء شركات تصدير ومواقع انترنت عملاقة لتسويق منتجاتها.
– منحت الحكومة الصينية المصانع تخفيضات ضريبية تتناسب طرداً مع عدد العمال المسجلين “بالنهاية هي تربح ولا تخسر لأن كل عامل مسجل سيضطر لدفع ضريبة دخل تتجاوز مقدار التخفيض الضريبي”.
– لا تشترط وجود رخصة صناعية لتسجيل العامل بالتأمينات بل تكتفي بعقد العمل بين العامل ورب العمل بحيث تسمح بتسجيل العامل بالتأمينات حتى ضمن مصانع و ورشات غير مرخصة.
– تسمح باستيراد مدخلات الانتاج برسوم مخفضة تصل لدرجة الإعفاء التام لبعض المواد الهامة.
– شجعت الشركات المانحة لشهادات الجودة والفحص والتحقق من العمل فيها ومنحتهم التسهيلات لأن الحصول على شهادات الجودة هو أحد أهم شروط الدخول للأسواق العالمية.
– قدمت الحماية لصناعتها الوطنية من خلال رفع الرسوم لفترات محددة على استيراد المنتجات الــــرفاهيــــة فمثلاً رفعت الرسوم على استيراد السيارات بحيث دفعت الشركات العالمية لفتح مصانع لها في الصين ثم قام القطاع الخاص بإنشاء مصانع سيارات صينية وحين بدأت تلك المصانع بالانتعاش وأصبحت منافسة قامت بتخفيض رسوم استيراد السيارات.
– شجعت شركات الشحن العالمية وقدمت لها التسهيلات باعتبارها أحد أهم البنى التحتية اللازمة لعملية التصدير.
– شجعت شركات التأمين العالمية وقدمت لها التسهيلات لأن بعض الزبائن تفضل التعامل مع شركات تأمين عالمية.
النقطة الأهم وهي ألية الدعم واسمها الصحيح هو المرتجع الضريبي TAX_Refund
حين يقوم أي مصنع بإنتاج أي سلعة يسجل قيمة ما أنتجه بسجله الضريبي ويدفع عليه ضرائب إجمالية تصل لـ20% وتقوم معظم المصانع بالالتفاف على هذه النقطة بتسجيل نسبة ولتكن 25% من منتجاتهم ويدفعوا الضرائب عليها أي أن معظمهم يدفع ضرائب لا تتعدى 5%؟
لكي يحصل المصنع على الدعم “المرتجع الضريبي” عليه أن يتبع الخطوات التالية:
1- أن يثبت هذه الطلبية بسجله الضريبي.
2- أن يثبت أنه استقبل قيمة البضاعة بحسابه البنكي في الصين (أي أن النقود قد دخلت الصين فعلاً).
3- أن يقدم نسخة عن بوالص الشحن التي تُثبت أنه صّدر هذه البضائع فعلاً.
4- عندها تقوم الدوائر المالية بحساب نسبة الدعم والتي تختلف من صناعة لأخرى وتتراوح ما بين 0% للسلع الغير مدعومة و17% كأقصى نسبة دعم ويتم حسم هذه القيمة من إجمالي قيمة الضرائب عن الطلبية التي صدرها وهي بنسبة 20%.
“اي أن الدعـــــم أو المرتجع الضريبي هو أن يدفع الصناعي كضرائب 3% بدلاً من أن يدفع 20%”
– أخيراً على سبيل المثال يوجد ألاف المصانع الصينية التي تصنع بطاريات ليثيوم_ايون وشرائح الإنارة “LED” وبتقنيات جيدة وإن لم ترقي لمستوى الشركات العالمية ومع ذلك تسمح الحكومة الصينية باسيتراد هذه المواد من مصانع أخرى عالمية مثل سامسونغ وأل جي برسوم جمركية مخفضة جداً على اعتبار أنها مدخلات إنتاج تدخل بالعديد من الصناعات وهذا ماسمح بانتعاش صناعات لا تتعدى نسبة ما يصنع في الصين 30% منها فمثلاً قد نستغرب إذا علمنا أن 90% من الشركات الصينية المرموقة تشتري المكونات الأساسية الخاصة بكاميراتها من شركات كبرى مثل سوني ويقتصر ما يصنع في الصين على الغلاف وبعض المكونات البسيطة الأخرى ورغم هذا فصادرت الصين من هذه البضائع تتجاوز صادرات سوني نفسها التي عجزت عن منافسة تلك الشركات الصغيرة.
وعليه فإن أي حديث عن دعم يخرج عن نطاق تسهيلات البنى التحتية و التصدير والاستيراد هو إضاعة للبوصلة.
Post Views:
0