الاصلاحية | خاص |
على قلة الحضور في المؤتمر السنوي لاتحاد عمال الغزل والنسيج مقارنة بباقي الاتحادات المهنية، إلا أن ثمة حالة أسف عارمة اجتاحت صالة مجمع صحارا لما تردد على ألسنة ممثلي عمال الغزل والنسيج حيال ما آلت إليه أعرق الصناعات السورية، حالة عبر عنها محمد شعبان عزوز بخصوصية وحساسية عالية: “على قلتكم إلا أنكم تشكلون أسرة واحدة بما تحملونه من مطالب مثقلة بالهموم المشتركة”.
قبل أن تأتي الحرب على الكثير من منشآت القطاع العام الصناعي، كانت غزت آلاتها السنين “خطوط إنتاج من مواليد 1950” !!، ربما لم يتمكن كاتب محضر المؤتمر أن يحصي كم ترددت عبارات من قبيل (خردة _ نفايات _ مكنات متهالكة) في مداخلة جمال القادري رئيس الاتحاد العام لنقبات العمال، الذي أشار إلى مفارقة بأن وزارة المالية لا زالت تقتطع أقساط اهتلاك على خطوط تعود لخمسينيات القرن المنصرم، يشير القادري إلى العرف الاقتصادي القائل: “إن أقساط الاهتلاك تقتطع لتجديد الطاقة الإنتاجية وفق طرق محاسبية متعددة (القسط الثابت- المتزايد- المتناقص)، والمفروض أن كل عشر سنوات تستخدم فيها الآلة تصبح خردة ويكون لدى الإدارة قيمة هذه الآلة في المؤونات لتجديد الطاقة الإنتاجية، لكن ما كان يحدث أن أقساط الاهتلاك كانت تقتطع وتدخل في الدين العام كإيراد، وحين احتجت النقابات في ذلك الوقت على هذا الإجراء، قيل “لا عليكم” حين يراد تجديد الطاقة الإنتاجية سيتم تمويل تجديد طاقة الإنتاج، وحين احتجنا التجديد تشكلت عشرات اللجان وبقي هذا القطاع بعيداً عن أي عملية تجديد واستبدال حقيقية تنقذه !!.
يعود عزوز بالذاكرة إلى سنوات ما قبل الحرب عندما وضع القطاع العام الصناعي “النسيجي” في منافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص، بخطوط انتاج قديمة وبأعداد عمال تفوق الحاجة الفعلية بأضعاف تبعاً لدوره في ما كان يعرف بـ “التشغيل الاجتماعي”، يروي عزوز أنه في إحدى المرات كانت تحتاج إحدى المنشآت إلى توظيف 1000 عامل، فتم توظيف 3000 آلاف، هكذا كان يستوعب القطاع العام الصناعي الطلب المتزايد على العمل.
يتغيب وزير الصناعة عن المؤتمر لانشغالة باجتماع اللجنة الاقتصادية “الدوري” في مجلس الوزراء، ويزف ممثله ومعاونه جمال العمر خبر غير سار للحضور يتلكأ قليلاً قبل أن يعلنها: “حصة القطاع الصناعي من الخطة الاسعافية ستكون ضئيلة هذا إن كان له حصة”!!، خبر أقلق عزوز الذي كان يوماً على رأس المنظمة العمالية ويعرف همومها جيداً، ابن مدينة حلب “مدينة الغزل والنسيج” يدرك تماماً قسوة الظروف التي تحيط بهذه الصناعة، يحاول شد أذر الحاضرين: “أؤكد لكم ليس هناك أي فكرة للتخلص من القطاع العام الصناعي، وطروحات الشراكة ممكنة وهذه أصبحت حاجة لكن إعلموا أن العمال وحقوقهم خط أحمر”.
ورغم الخطة الطموحة التي نتجت عن “مؤتمر القطن” الذي انعقد مؤخراً لدعم صناعة النسيج من الحقل إلى واجهة محلات الملابس وربما خطوط التصدير، إلا أن مدير عام مؤسسة الأقطان لم يخف على الحاضرين أن ثمة مشكلة في بذار القطن، حيث أن لكل منطقة وتربة نوعية محددة من البذار حالياً غير متوفرة.
فيما تكررت مطالب ممثلي عمال الغزل والنسيج بتطبيق القانون وتوزيع 10 % من الأرباح على العمال، القانون الذي قفزت عليه وزارة المالية، ربما لم يبق خيار أمام رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال الغزل النسيج سوى رفع دعوى قضائية على “المالية”!!، في مطالبة أخرى تبدو مناقضة لسابقتها شدد أحد الحاضرين على ضرورة توعية العمال اقتصادياً للحفاظ على الآلات ووقف الهدر، بطبيعة الحال هذا المطلب لن يتحقق بدون أن يشعر العامل أنه شريك بالانتاج والأرباح وقتها سيحافظ على الآلة، وطالما أنها تعمل من 70 عاماً فهذا يعني أنه بذل جهده للحفاظ عليها.
Facebook Comments