الاصلاحية | ثقافة |
أراد مدير الهيئة العامة لدار الأسد للفنون والثقافة “الأوبرا” أن يقطع الطريق على أي جدل قد يأتيه من نافذة مجمع دمر الثقافي أو ما يعرف بـ”أوبرا دمر”، معلناً الفصل الكامل بين المجمع المذكور والدار، فليس كل فعالية يحتضنها مجمع دمر المكشوف يمكن أن تحسب على “دار الأوبرا” أو أن تحظى بموافقته وفقاً للمعايير الجديدة، فيكون المجمع في حل من المعايير الجديدة التي ستحكم العروض لاحقاً.
كثير من النقاط حسمها “المايسترو” أندريه معلولي خلال مؤتمر صحفي كي يكون الإعلام على بينة بالوجه الجديد الذي ستبدو عليه آليه عمل الدار مستقبلاً على الأقل خلال الفترة التي يتولى بها الإدارة.
أبرز التوجهات الجديدة كانت من خلال وضع معايير فنية للعروض تكون ملائمة لطبيعة عمل الهيئة، وهذا ما ستبت به لجنة “البرمجة والمشاهدة” وليس المدير العام وحده، اللجنة ستجتمع شهرياً لتقييم العروض الفنية ودراستها واستخلاص ما يمكن تقديمه على المسارح بما فيها الفرقة السيمفونية الوطنية والفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية، وعليه وللتأكيد فإن فصل مجمع دمر يعني أنه لن يخضع لهذه المعايير ولا إلى تقييم لجنة “البرمجة والمشاهدة”.
أمّا عن الرؤية التطويرية لدار الأسد بين المعلولي أنها تؤكد الانتقال لمرحلة جديدة والعمل بشكل مختلف والارتقاء بالمكان لنقل صورة ورسالة الإنسان والثقافة السورية من خلال مشروع “الاستثمار بالإنسان” والذي يحتاجه وطننا لبناء الفكر والجيل القادر على النهوض بالفنون.
وأوضح المعلولي أن اللجنة ستساهم بتطوير المستوى الفني للدار من خلال التميز بمستوى الفعاليات المقامة لوضع دار الأسد على خارطة دور الفنون عالمياً.
خطة “الدار” الطموحة حملت في طياتها بنداً يهدف إلى تنشيط فعاليات تسهم بدعم الإبداع لدى الطفل من خلال عروض مسرحية واستقبال طلاب المدارس والمعاهد الموسيقية في زيارات دورية لبناء ثقافة الاستماع لديهم وحضور الحفلات الموسيقية وكيفية التعامل مع هذا الصرح الحضاري بالتعاون مع وزارة التربية.
تفعيل التشاركية بين الدار والمعهدين العالي للموسيقا وللفنون المسرحية وتشكيل مجموعات احترافية من الطلاب في المعهدين تستضيفهم الدار في حفلات دورية، كانت أبرز ما تطرق إليه المايسترو لاحتضان مخرجات المؤسسات “الثقافية” المذكورة.
الحفاظ على التراث السوري من أهم المشاريع التي بدأ العمل فيها كانت من خلال تشكيل لجنة مختصة في التراث مهمتها البحث عن الأغاني وأصلها وتسجيلها وتوثيقها وإصدارها ضمن ألبومات تُوزّع على كل المراكز الثقافية في العالم، لتأكيد هويته السورية وعدم السماح بتشويهه أو تعديله وركّز على أنّ التشويه لايكون بإدخال آلات موسيقية جديدة وإنّما يكون بتغيير المقام الموسيقي الذي بُنيت عليه الأغاني التراثية.
المعلولي شدد على أنّ دار الأسد ستتحول إلى حاضنة للمواهب الشابة التي تحمل مشروعاً ثقافياً مميزاً ونوعياً وتقوم بتبنيها ونشرها إضافة إلى التشارك مع المجتمع الأهلي من خلال دعم العروض الفنية وتامين الموارد لإقامة فعاليات على مستوى لائق، وإطلاق مشروع صناعة نجم نخبوي خاص بالدار ممن لا يمكن الاستماع إليهم إلا في دار الأوبرا أسوة بمثيلاتها في العالم بالإضافة إلى التواصل مع عدة فرق عربية وعالمية لتقدم عروضها في سورية.
المعايير التي ستطبق على العروض في الدار يجب أن تتماشى مع التوجه الثقافي العام، وتعمل على رفع المستوى الثقافي والذائقة الفنية لدى الجمهور وتتلاءم مع مضمون النظام الداخلي للهيئة، أمر لا يمكن تجاوزه من الادارة الجديدة.
لم تغفل الخطة الطموحة مسألة الإمكانيات المادية للدار حالياً التي لا تسمح بأن تدخل مجال الإنتاج الفني، لكن الأمل معقود على أن تصبح دار الأسد شريكة في إنتاج كل من العروض العامة والخاصة بهدف تطوير الأداء، ولن تقبل الدار استضافة أي عرض خاص ما لم يتضمن ما نسبته 75 بالمئة مواد فنية وهذا ينطبق على المحاضرات والندوات والمؤتمرات.
العلاقة مع الإعلام الذي اعتبره المعلوي شريكاً وحاملاً لرسالة الدار، تحتاج على ما يبدو لإعادة صياغة، وخاصة لجهة افتقاد الاعلاميين الذين توفدهم وسائل الإعلام المختلفة لتغطية فعاليات ونشاطات الدار للتخصص والمعرفة التراكمية في القطاع الثقافي والفني، يذكر مدير المعهد العالي للفنون الموسيقية الذي شارك في المؤتمر أن ثمة معاناة مع بعض الاعلاميين غير المختصين (حدث أن سأل الاعلاميين موسيقي مشهور ببداية اللقاء.. ممكن تعرفنا بحضرتك؟؟).
وعلى أن تجود الأيام القادمة بوجه أكثر إشراقاً للصرح الثقافي الكبير بدت النقاشات خلال المؤتمر فاتحة خير وضعت الادارة الجديدة للدار نفسها في تحد مع الوقت، حيث من المرتقب أن تشهد “الدار” فعاليات مكثفة خلال هذا الصيف.
Facebook Comments