الاصلاحية | هجرة |
كأنهم يخرجون من جهنم إلى الجنة هكذا زُينت أوروبا للاجئين السوريين، فباعوا ممتلكاتهم وتركوا المدمر منها مع من بقي من الأصدقاء والأحبة بحثا عن حياة أفضل، دون أن يدركوا أن مسلكهم إلى القارة العجوز محاط بخطر الموت الذي حاولوا جاهدين الهرب منه، فمنهم من غرق في البحر أو تاه في البر دون أن يبلغوا شواطئ إيطاليا أو اليونان.
طرق التهريب الخطرة
تحولت عملية تهريب اللاجئين السوريين لتجارة رابحة امتهنها الكثيرون، وتعتبر حتى اليوم الأكثر رواجًا في المنطقة، متفوقة على المخدرات والسلاح ليجني أصحابها، أو ما يطلق عليهم “عصابات تهريب البشر”، مئات الملايين من الدولارات، ممن يغامرون باجتياز الحدود البرية والبحرية لبلادهم، هربًا من قسوة الظروف.
و تطور تهريب البشر على مر سبع سنوات من الحرب حيث يتم استخدام طرق وأساليب عديدة، وقلت خطورة طرق التهريب اليوم مقارنة ببداية الأزمة إلا أن التكلفة تضاعفت.
تقول مصادر مظلعة إن طريق إدلب- تركيا، هو الأكثر خطورة وتكلفة يعبرونه ليلاً لعدم وجود الحرس التركي داخل الجدار ضمن الأراضي التركية، حيث يستغل المهربون الظروف المناخية السيئة كالأمطار والثلوج للدخول إلى تركيا.
وتضيف المصادر بأن طريق آخر للتهريب يمكن أن يكون من الأكثر خطورة؛ وهو طريق الشاحنات من مدينة تيميشورا الواقعة في غربي رومانيا والتي تكون مزودة بطبقة مخفية في القسم المخصص للشحن، يتراوح ارتفاعها بين 40 و 50 سنتيمترا يُخبّأ فيها المهربون المهاجرون، ونظرا لضيق المكان، فإن المهاجرين معرضين لخطر الاختناق خلال رحلة التهريب من رومانيا إلى ألمانيا.
وبشكل يومي تخرج المئات من القوارب المطاطية من السواحل التركية من “أزمير”، و”بودروم”، و”مرمريس” إلى اليونان، ضمن قوارب يطلق عليها “قوارب الموت” كونها مهترئة، وتسببت في غرق المئات من المهاجرين، فيما ينجو من الموت بأعجوبة من يحالفهم الحظ، ويعتبر اللاجئ السوري أن وصوله إلى إحدى الجزر اليونانية العديدة في البحر المتوسط، هو بداية للنجاة، حيث يتم نقلهم إلى منطقة “أمونيا” المشهورة بتأمين الجوازات المزورة للاجئين ليتم عبورهم بها إلى ألمانيا عن طرق سيارات خاصة يديرها مهربون، فيما قدرت الأمم المتحدة في تقريرها مؤخراً أن 3 ألاف فرد يومياً يعبرون مقدونيا باتجاه شمال غرب أوروبا.
ابتزاز مادي
يتعرض الشبان خلال رحلة تهريبهم لجميع أصناف الابتزاز، من الاستغلال المادي عبر دفع مبالغ مالية كبيرة قد تتجاوز الـ 3000$ في كل منطقة يعبروها كما يقول عديدون ممن خضعوا لهذه التجربة؛ ما يجعل اللاجئ أمام خيارين: إما دفع أموال لـ”تجار البشر” للعبور إلى أوروبا أو أن يبقوا عالقين في تركيا.
ويقدّر هؤلاء تكلفة نقل الشخص الواحد قديماً6000 $ فيما باتت اليوم تكلف 12000$ للشخص الواحد، بعد أن أصبحت رحلة العبور من تركيا إلى اليونان، ثم مقدونيا فصربيا، ومن ثم المجر ليصل بعدها إلى الوجهة التي يريد، وهكذا تنتعش سوق “جماعات التهريب وتجارة اللاجئين”، وسط شروط بعدم السماح للركاب باصطحاب الكثير من الأمتعة والطعام والشراب.
من يدير تجار البشر؟
يحمل المهربين جنسيات مختلفة وعديدة منها: أفغانية وعراقية وسورية و ليبية و يتواجدون باستمرار عند نقاط العبور إلى الدول الأخرى والحدود، ودرجت مؤخراً أن تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع لتسويق خدمات المهرّبين، الذين ينشرون إعلانات مرفقة بصور معالم أوروبية شهيرة على “تويتر” أو “فيسبوك” فضلًا عن إتاحتها فرصة إيجاد أفضل المهربين، مع تبادل أرقام الهاتف، ومقارنة الأسعار.
يقول أحمد إنه على اللاجئ الواحد دفع تكلفة تبلغ ألف يورو؛ مقابل قطع مسافة 600 كيلو متر من الحدود اليونانية مع مقدونيا، وحتى العاصمة الصربية، وتزداد التكلفة من ألف إلى ثلاثة آلاف يورو أخرى لقطع 600 كيلومتر أخرى، نحو العاصمة النمساوية فيينا.
ويضيف: غالبًا ما يكون المهربون من بلد المهاجرين، ولكنهم يحملون حق الإقامة في الاتحاد الأوروبي أو جواز سفر من دول الاتحاد.
قصة الهجرة الحديثة
اختلفت الطريقة التي كان يتبعها السوريون في الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، فبعد أن كانت تلك الرحلة محفوفة بالمخاطر، باتت اليوم أكثر سهولة سيما وأن تكلفتها باتت مضاعفة، فالرحلة عبر “البلم” والموت غرقا لم يعد وارداً إلا عند القليلين، كذلك الأمر بالنسبة لقطع المسافات الطويلة سيراً في المناطق البرية الموحشة في الظروف المناخية الصعبة، كل ذلك تم تطويره لتكون رحلة اللجوء أقل خطراً!!
تتحدث الشابة “سارة” لـ”هاشتاغ سوريا” عن طريقة تهريبها إلى ألمانيا والتي كانت بداية العام الجاري، فتقول: انضممت إلى غروب على أحد وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك” يسمى “السفر إلى ألمانيا” و أعضاء الغروب معظمهم من المهربين و المتاجرين بالبشر، اتفقت مع أحدهم على السفر أولاً إلى أربيل و أقمت هناك مدة أسبوع في أحد الفنادق، ثم تم ترحيلنا اثنين اثنين عن طريق فيزا “مضروبة” إلى تركيا على أساس أنها سياحية، ثم انتقلنا عن طريق بولمان إلى اسطنبول و أقمت مدة أسبوع أيضاً ثم إلى أزمير و بقيت أسبوع أخر، ثم غادرنا إلى جزيرة “رودس” اليونانية على أساس أننا وفد سياحي، غادرت بعدها إلى المطار عن طريق جواز سفر مزور يبيّن أنني كردية الأصل، واضطررت إلى تغيير مظهري وزيي.. فخلعت الحجاب وارتديت ملابس توضح أنني سائحة كردية.
وتضيف سارة: بعد ذلك كنت أذهب كل يوم إلى المطار و أقطع تذكرة طيارة لكن يتم كشفي وأعود، وبعد فشلي مرتين في العبور بجواز سفر مزور، نجحت في المرة الثالثة و أصبحت الآن في ألمانيا.
العودة!
بالرغم من هذا العذاب و الابتزاز المادي الذي يتعرض له اللاجئون للوصول إلى أوروبا؛ إلا أن أعداد العائدين من بلدان اللجوء إلى أوطانهم في تزايد مستمر فمنهم من عاد قسرا من خلال برنامج ترحيل اللاجئين الذي أعلن عنه أحد المسؤولين الألمان بذريعة عودة الأمان إلى سوريا، و منهم من عاد طوعا بسبب صعوبة التأقلم و ظروف المعيشة الصعبة في بعض المناطق سواء في ألمانيا أو تركيا.
المصدر: هاشتاغ سوريا- فلك القوتلي
Post Views:
0