الاصلاحية |
بعد أن فتك وباء “كوفيد 19” (كورونا فايروس) بعشرات آلاف البشر عابرا للحدود والقارات، يجري البحث حاليا عميقا بتحوّل العالم الى مرحلة الذكاء الاصطناعي، ذلك ان ما يوفّره هذا الذكاء من إمكانيات هائلة للحفاظ على صحتنا وتوقّع ما قد يصيبنا، وما يوفّره أيضا على خزينة الدول، يجعله أمرا محتوما لا فكاك من اعتماده. كما انه مرشح لان يحدث ثورة فعلية في مجالات الرعاية الصحية خصوصا اذا ما تم اعتماده من قبل منظمة الصحة العالمية.
في ما يلي تصنيف سريع لبعض حالات الاستخدام الواعدة لهذه التكنولوجيا والتي بدأ اعتمادها بنجاح في بعض الدول :
أولاً الرعاية الصحية الشخصية، حيث بدأ استخدام الذكاء الاصطناعي لتوفير المزيد من المعلومات للمرضى لمساعدتهم على فهم حالتهم واتخاذ الخطوات اللازمة لتلبية احتياجاتهم من المواعيد والعلاجات وغيرها.
ثانياً التشخيص، حيث يساعد الذكاء الاصطناعي الأطباء على إجراء تشخيص دقيق وسريع لمعرفة المزيد عن الأمراض وتطوير العلاجات والتنبؤ بالحالة الصحية للمريض.
ثالثاً التوقعات، اذ ان تحليل البيانات التاريخية وفي وقت سريع يساعد منظمة الصحة العالمية على التنبوء بمكان انتشار الأمراض المعدية وتوقيتها. فمثلاً مع انتشار فيروس Covid 19 تمكنت منصة مراقبة العدوى BlueDot من التنبؤ بدقة بمناطق الخطر في مدينة ووهان من خلال الذكاء الاصطناعي على مدى أسبوع قبل التصريحات الأولى لمنظمة الصحة العالمية حول تفشي المرض.
رابعاً الجراحة، اذ يمكن استخدام الروبوتات بمساعدة الذكاء الاصطناعي لإجراء العمليات الجراحية. ويمكن لهذه الريبوتات تحليل البيانات ودراسة الإجراءات الجراحية لمساعدة الجراحين وتحسين التقنيات الجراحية.
مع ذلك لا تزال هناك بعض التحديات الهامة التي يتعين معالجتها إذا كانت منظمة الصحة العالمية سوف توافق على الولوج الى عالم الذكاء الاصطناعي من الباب الاوسع ، ذلك أن السجلات الطبية للمرضى محمية بقوانين الخصوصية والسرية الصارمة ، ما يعني أن تفسير البيانات مع نظام الذكاء الاصطناعي بالنسبة لبعض الشعوب هو انتهاك لهذه القوانين ولخصوصياتها . من هنا فان استخدام هذه البيانات الطبية يستدعي الحصول على موافقة المرضى.
المصيبة هو أن تسارع الدراسات لاعتماد هذه التكنولوجيا في العالم الغربي يناقضها خمول فاقع في معظم الدول العربية التي لا تواكب التطور الحاصل في التكنولوجيا كما يجب. وتفيد البيانات بأن الدول العربية لا تملك جودة معلومات رقمية كما ان انظمة بياناتها ضعيفة جدا ويصعب عليها دمج السجلات الصحية وتحويلها الى النظام الرقمي.
حتى في الولايات المتحدة، حيث توجد امكانيات كبيرة لتسريع رقمنة الأنظمة الطبية، تظل جودة المعلومات الرقمية مشكلة. على سبيل المثال، وجد تحقيق رسمي أن عملاق برمجيات حفظ السجلات لديه العديد من العيوب في نظامه مما قد يعرض المرضى للخطر. لسوء الحظ، لا يزال البرنامج قيد الاستخدام من قبل حوالي ٨٥٠ الفا من اختصاصي الرعاية الصحية في البلاد.
بالمقابل هناك ممن يستمر في التشكيك بتقنية الذكاء الاصطناعي او يعارض ان تحل مكان البشر، من هؤلاء مثلا اختصاصيو الاشعة الذين يخشون ان يحل الروبوت مكانهم في العمل فيصبحون على قارعة الطريق. كذلك فان كثيرا من المرضى ما يزالون يشككون بقدرة التكنولوجيا على معالجة حالاتهم الصحية ويشعرون بالقلق منها . الا ان التغلب على مخاوف الاطباء والمرضى على حد سواء تجاه تقنية الذكاء الاصطناعي هو المفتاح لبناء نظام رعاية صحية افضل كما يجب أن يكون هناك ادراك بأن الذكاء الاصطناعي لن يؤدي إلا إلى زيادة القدرات التشخيصية للعاملين في مجال الرعاية الصحية.
في نهاية المطاف فإن تطوير واعتماد الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية سيحدث بسرعة وفي وقت قصير ، اذ ان العام ٢٠٢٠ سيكون مفصلياً في هذا الصدد حيث لا يمكن مواجهة تحديات العصر ان لم تدخل التكنولوجيا عالمنا من الباب الاوسع.
العالم يتجه لتبنّي الذكاء الاصطناعي في كل شيء، فهل يلحق العرب به، أم يستمرون في الغباء الاصطناعي كما في الكثير من حقول العلم والمعرفة والتكنولوجيا.
المصدر: موقع خمس نجوم
Facebook Comments