الاصلاحية |
تستمر معاناة السوريين في البلاد منذ أكثر من عامين في الحصول على المحروقات، بالتزامن مع تدهور في الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع في أسعار المشتقات النفطية، كما زاد الغزو الروسي لأوكرانيا من هذا الارتفاع.
عدّ مدير التشغيل والصيانة في شركة محروقات عيسى عيسى أن الحديث عن انفراجات دائمة في سوق المشتقات النفطية غير دقيق، مبيناً أن مسألة الانفراجات مرتبطة بالضرورة بوصول التوريدات “الخارجة عن إرادتنا”.
وأكد عيسى في تصريح خاص لـصحيفة “البعث” أنه في هذه الحالة الانفراجات تكون مؤقتة ولاسيما في ظل خروج حقول النفط المحتلة في شمال سورية والتي تُعدّ عاملاً أساسياً في استقرار الواقع النفطي في حال عودتها.
ونفى عيسى الاتهامات بخفض طلبات التوريد تماشياً مع واقع السيولة من القطع الأجنبي والاكتفاء بالحد الأدنى منها، مؤكداً أن عدد الطلبات يزيد على الحاجة المحددة بنحو 3 مليون برميل شهرياً لاستمرار عمل مصفاة بانياس دون توقف، غير أنها لاتصل إلى هدفها في النهاية.
وأكد أنه لا يوجد تقصير أو تحديد في طلب استقدام الناقلات التي تُستهدف بشكل مستمر، لكن تلك التوريدات انقطعت لمدة شهر كامل، ولم تتمكن أي من الناقلات الثلاث التي كان من المفترض وصولها إلى المياه السورية من الاقتراب، لافتاً إلى أنه تم حجز إحداها ما أدى إلى انعكاس النقص على السوق المحلية.
وبين عيسى للصحيفة أن الحكومة وبفعل تلازم الأزمة الأخيرة مع عطلة الأعياد، قررت ضخ كميات إضافية في السوق قبل وصول التوريدات الجديدة لتحقيق نوع من الانفراج، كما استقدمت كميات من البينزين أوكتان 95 من دول الجوار لضخها في المحطات الخاصة بالمادة لضبط جموح السوق السوداء المعتمدة على السرقات التي سيتم معالجتها في وقت قريب بشكل نهائي.
وفي إشارة بسيطة إلى واقع سوق المشتقات النفطية وتوقعات زيادة قريبة في أسعار المحروقات، عبرت مصادر في وزارة النفط للصحيفة عن أسفها أنها “وخلال 7 سنوات تزف الأخبار السيئة والمؤلمة للمواطنين”، علماً أن تكلفة إنتاج ليتر البينزين أو المازوت على حد سواء وصلت إلى 4500 ليرة سورية لليتر الواحد.
في حين أن عديد أسواق المنطقة بدأت بزيادة أسعار المحروقات تماشياً مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً والمتوقع أن ينعكس قريباً على أسعار المحروقات في السوق المحلية.
وفي هذا السياق لم ينف مدير التشغيل والصيانة في شركة محروقات تأثر سورية بالأوضاع العالمية الأخيرة وخصوصاً بعد ارتفاع أسعار النفط إلى نحو 112 دولاراً للبرميل جراء الأحداث السياسية في العالم.
وأشار إلى الصعوبات البالغة التي تواجه التوريدات جراء ممارسات القرصنة الأمريكية وحجز عدد من الناقلات، إضافة لقطع المجموعات الانفصالية المدعومة أمريكيا “قسد” لتوريدات النفط بإيعاز أمريكي للضغط على الشعب السوري واستهداف مقومات التنمية الرئيسية.
بين عيسى أن تكلفة إنتاج لتر البينزين أو المازوت اليوم تتراوح بين 4000 – 4500 ليرة سورية، وبالتالي هناك عجز كبير ينعكس على الخزينة العامة للدولة، ناهيكم عن نسب العلاوات المرتفعة التي تطلبها الناقلات لنقل الحمولات إلى سورية إذ تزيد بنسب كبيرة على الـ 20% من قيمة المادة.
وهو ما يزيد التكاليف بحسب عيسى، وذلك بسبب المخاطرة الكبيرة التي تتحملها تلك الناقلات، وعدم اعتراف شركات التأمين العالمية بالمشكلات التي قد تنشأ للناقلة القادمة إلى سورية، ومخاوف احتجازها ومحاصرتها وغيرها من الأسباب، فضلاً عن ارتفاع رسوم عبور قناة السويس، وغيرها من التكاليف التشغيلية.
وأكد عيسى أن الدولة تدرك تماماً ارتدادات نقص الوقود على الاقتصاد الوطني والتي قد تشكل ضرراً أعلى في فاتورة الدعم المتضخمة، غير أن شركة محروقات تعمل على توزيع الكميات المتاحة، من خلال الشركاء في المحافظة، ليتم توزيعها وفق الأولويات لكل محافظة، بحيث تكون الأولوية للمزارعين في وقت معين، لتكون الأولوية للصناعيين في وقت آخر من العام وفقاً للمواسم والضرورات، ولتحقيق أفضل إدارة ممكنة للنقص.
أكد عيسى أن شركة محروقات تقوم بإدارة نقص الموارد ولا تعمل في واقع عادل وطبيعي، بسبب ظروف الحصار الجائر على سورية، لافتاً إلى أن سورية تستورد نحو 90% من المشتقات النفطية عبر الخط الائتماني الإيراني بعد حرمانها من مواردها النفطية الرئيسية في الشمال السوري.
وأضاف عيسى بالتالي لا يمكن وصف إدارة النقص بالإيجابية التامة، فهناك بعض الفعاليات لا تحصل على حصصها اللازمة للعمل، لافتاً إلى أن محروقات تعمل على دعم القطاعات المنتجة التي تتطلب كميات إضافية من المحروقات في مواسم معينة من العام، دعماً لاستمرارها، كما ستعمل على مراقبة وصول الكميات لأصحابها وضبط عمليات السرقة والممارسات المخلة بالسوق.
وفي ختام حديثه مع الصحيفة، أوضح عيسى أن النفط اليوم تحول من داعم للخزينة إلى مستنزف لها، حيث كانت سورية تنتج نحو 360 ألف برميل يومياً، يتم معالجة نحو 230 ألف برميل منها في المصافي السورية للاستهلاك المحلي، ويستثمر الباقي في زيادة إيرادات الخزينة من خلال التصدير، وهو الأمر الذي سيعود مع عودة الأبار النفطية المحتلة.
وأكد أن الحرب على سورية بخصوص المشتقات النفطية واسعة وتستهدف الإضرار بالاقتصاد الوطني، حيث تتضرر العديد من المصانع والورش والمزارعين ووسائل النقل وغيرها جراء العقوبات والحصار وغيرها من ممارسات الاحتلال الأمريكي لكبح نشاط وتطور وعودة سورية إلى الحياة الطبيعية.
وفي بداية الشهر الحالي، نشرت إذاعة “شام إف إم” المحلية، تقريرا عن حجم خسارة الإنتاج المحلي بسبب المشتقات النفطية، وقالت إن “تداعيات أزمة المشتقات النفطية الحالية لا تتوقف عند انعكاساتها السلبية على قطاع النقل فقط، وإن كانت تتسبب بمعاناة شديدة لمعظم المواطنين، سواء من يستخدمون وسائل النقل العام أو أولئك الذين يمتلكون سيارات خاصة”.
ورجحت الإذاعة المحلية في تقريرها، إلى أن “عدم توفر مادتي المازوت والبنزين بكميات تكفي احتياجات عملية التشغيل، يعني بوضوح شديد أن هناك خسارة اقتصادية يومية مستمرة، وفي مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية”.
Post Views:
0