الاصلاحية |
فُوجئ الشارع اللبناني بالارتفاع السريع لسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، بعد توقعات بأن ينعكس فوز النواب “التغييريين” والمعارضين للسلطة استقراراً في سعر الصرف في السوق السوداء إلا أن ما حصل كان العكس تماماً.
كان الدولار يتحرك صعوداً منذ ما قبل الانتخابات إنما بشكل بطيء، لكنه سجّل بعد ذلك ارتفاعا صاروخياً منذ يوم الجمعة وحتى ظهر الثلاثاء مسجّلاً زيادة ملحوظة قفزت من 27 ألفاً إلى 34 ألفاً لسعر الصرف في السوق السوداء. فهل دخل لبنان في المجهول نتيجة الضبابية السياسية أم أنّ هناك أسباباً أخرى؟
وسرعان ما عاد قطع الطرق احتجاجاً من المواطنين على اضطراب سعر الدولار في السوق السوداء ما انعكس ارتفاعاً مماثلاً على سعر السلع الاستهلاكية والمأكولات المرتفعة أصلاً.
خبراء يعلقون
وتعليقاً على ارتفاع سعر الدولار، قال خبير المخاطر المصرفية محمد فحيلي في حديث لموقع سكاي نيوز عربية إن “عدة تفسيرات لارتفاع سعر صرف الدولار أبرزها نتائج الانتخابات النيابية التي جاءت دون توقعات الناس لجهة التغيير”.
وأردف قائلا: “صحيح أنه بات في لبنان نواب جدد، إنما الواقع لم يظهر تغييرا مئة بالمئة كما كان متوقعاً وكأنهم وصلوا بأصوات مكونات السلطة السياسية التقليدية!”
وقال فحيلي “من الأسباب أيضا أن الناس صاروا مقتنعين بأن خطة التعافي التي طرحتها حكومة الرئيس ميقاتي في آخر جلساتها أو خطة توزيع الخسائر (وهي جزء من هذه الخطة) تقتضي شطب ودائع وشطب رأسمال، وهذا الأمر يخيف أصحاب الودائع الكبيرة ولا سيما أن التوقعات تقول إنهم سيكونون من أكثر المتضررين”.
وتابع الخبير “يزداد الخوف في السوق، ومع زيادته، يحرك المحتكرون السوق السوداء، فهي فرصة ذهبية لجمع الأموال على حساب لقمة عيش المواطن”.
وانتقد فحيلي “غياب الرؤيا الواضحة لمرحلة ما بعد الانتهاء من الانتخابات من قبل النواب الجدد، في انتظار تشكيل اللجان داخل المجلس والهيئة العامة ورئيس المجلس النيابي الجديد”.
ورأى أن “مكونات المجلس الحالي لا تملك النظرة الواضحة لجهة ماذا سيحدث بعد إتمام الانتخابات النيابية في ظل عدم إمكانية الترشح مقابل الرئيس الحالي للأسف، وانعدام هذه الرؤيا ترك شبه انطباع أن لا نضوج بشكل واضح للمكونات التغييرية وبذلك نحن أمام ظروف غير مطمئنة”.
وتطرق الخبير المصرفي إلى “القرارات التي تم إقرارها في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي تركت عبء تنفيذها على ذمة المجلس المقبل”، واصفا ذلك “باللاجدية قياساً بمقاربة الأزمة الاقتصادية في لبنان ناهيك عن البطء في إنجاز خطة التعافي المالي، إذ أن هناك وعودا بالتعافي المالي تمتد إلى منتصف عام 2023 وتحتاج إلى مجلس نيابي كامل متمكن من إقرار القوانين وذلك غير متوفر”.
وأشار فحيلي إلى أن “الجمود وارد والوقت ليس في صالح الاقتصاد ولا المستهلك اللبناني وعامل الوقت خدمة مجانية للمحتكر والمضارب”.
تهويل
وختم فحيلي ردا على سؤال بالقول “المجاعة كلمة كبيرة، ولا مشكلة في تأمين المواد الغذائية للسوق، وربط تأمين الخبز بالمجاعة مجرد تهويل ليس أكثر”.
وتابع “المشكلة محصورة في السلع التي تتدخل الدولة لتأمينها لأنها تستخدم أموال غيرها وخصوصا المحروقات والأدوية والقمح”.
الارتفاع كان متوقعاً
من جهته قال المحلل السياسي الكاتب أسعد بشارة لموقع سكاي نيوزعربية “إن ارتفاع سعر الدولار كان متوقعاً مباشرة فور انتهاء الانتخابات النيابية لأن تثبيت سعر الصرف كان يتم بطريقة اصطناعية عبر ضخ الدولار في السوق من قبل مصرف لبنان من الودائع الخاصة باللبنانيين المسماة بالاحتياطي الإلزامي”.
وتابع بشارة “ضخ الدولار تم بقرار سياسي لإجراء الانتخابات في جو هادئ نسبياً، وبعد الانتخابات امتنع مصرف لبنان عن التدخل في السوق، وهناك طلب للعملة الصعبة أكثر من الكمية المطروحة في السوق، ومن الطبيعي ارتفاع سعر الدولار”.
ورأى بشارة أن “المواطن اللبناني هو من يدفع الثمن، ولا يجب تركه لقدره”.
المطلوب إصلاحات سريعة
وختم “كانت الانتخابات خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية، والمطلوب البدء في الإصلاحات وتشكيل حكومة لا محاصصة فيها أو تجديد المنظومة السابقة، على أن تبدأ العمل لتلقي المساعدة من المجتمعين العربي والدولي، لأنه في حال دخلنا في نفق التعطيل نكون قد سلكنا طريقاً صعبة للغاية”.
المصدر: سكاي نيوز عربية
Post Views:
0