الاصلاحية |
بقلم وزير المالية
الدكتور كنان ياغي
لم تعدّ التكنولوجيا المالية ((Fintech خياراً لتطوير أداء القطاع المالي في سورية، إذ أصبحت ضرورة ملحّة، والوقت ليس في صالحنا، أبداً، نظراً للحاجة الماسّة اليوم للارتقاء بمستوى الخدمات المالية المقدّمة للجمهور، لجهة توفير الوقت والجهد والكلفة، وتقديم خدمة مميزة، كذلك الأمر بالنسبة للجهات العامة، عدا عن تعزيز مستويات الرقابة والشفافية وسلامة الأداء، وصولاً لتحقيق الشمول المالي.
عملياً، لم يعد بالإمكان الانتظار أكثر، للمضي قدماً في اعتماد وتطبيق تقنيات وأدوات الثورة الرابعة؛ ليس في القطاع المالي فقط، وإنما في قطاع الإعمال بشكل عام، في سياق التحوّل الرقمي، الذي انطلقنا به في سورية، والبدايات اليوم مبشّرة بالخير، رغم ظروف الحرب الإرهابية على سورية والحصار الجائر على الشعب السوري.
يمكننا اليوم أن نجد براعم واعدة للتكنولوجيا المالية في العديد من مجالات العمل، وكلها أنجزت بجهود محلية، ففي القطاع المالي، خطونا نحو الأمام من خلال تطوير أنظمة تكنولوجيا المعلومات في الإدارة الضريبية، وتطبيق براءات الذمة الإلكترونية في دمشق، والتجربة تتوسع حالياً في بقية المحافظات، وبدأنا بتطبيق الدفع الإلكتروني لبعض الضرائب، كما تم تجهيز برنامج ضريبة البيوع العقارية بجهود محلية، وهو برنامج ضخم جداً، جزء من مهامه أرشفة العقارات في سورية إلكترونياً، وتحديث بياناتها، ووضع معايير علمية للتسعير، ويزود السوق بمعلومات عن السوق العقارية لم تكن معروفة من قبل، تخدم السياسات الاقتصادية الكلية بشكل كبير، عدا عن تصدير الرقم الضريبي إلكترونياً خلال ثوان، ومؤخراً يتم العمل على توسعة الربط الإلكتروني للفواتير المصدرة، بحيث تؤسس لعلاقة شفّافة بين الإدارة الضريبية والمكلفين، من دون تدخل يذكر للعنصر البشري، وصولاً للأتمتة الشاملة للإدارة الضريبية، إضافة للعمل على توسعة تجربة الدفع الإلكتروني في المصارف العامة، وتطوير تطبيقات الموبايل الخاصة بها، وكذلك الأمر في قطاع التأمين، ولكن؛ هذه خطوات أولى، وخطوات بسيطة جداً، إذ إن الهدف هو المضي قدماً في عالم التكنولوجيا المالية لتطوير أداء القطاع المالي، تلبية لمتطلبات السياسة العامة للدولة، وتقديم الخدمات للجمهور بأسرع وقت وأقل كلفة وأقل جهد وأعلى جودة.
العين اليوم لا تقتصر على إصدار تطبيقات للهواتف الذكية أو تطوير لأنظمة المعلومات في بعض مفاصل العمل المالي، بل إننا نضع نصب أعيننا استثمار الذكاء الاصطناعي (AI) وخوارزميات البيانات الضخمة (Big Data) وسلاسل الكتل (Blockchain) والكود المنخفض والسحابة وتعلم الآلة وانترنت الأشياء.. وغيرها من أدوات وتقنيات الثورة الرابعة للارتقاء في أداء القطاع المالي، من خلال التوسع في الدفع الإلكتروني، والحلول التكنولوجية لتعزيز العدالة الضريبية، والسعي لتوفير الخدمات المصرفية على المنصات الرقمية، والتمويل الشخصي والمؤسسي، ومنصات الإقراض المباشر والتمويل الجماعي لتعزيز الشمول المالي، والعمل لاستخدام التحليلات التنبؤية لتطوير أداء قطاع التأمين، والتداول الالكتروني في سوق الأوراق المالية وتوسيع التجربة وتطويرها.. وقضايا أخرى في كافة مفاصل العمل المالي في سورية كما نطمح لأن يكون في المستقبل القريب.
انطلاقاً من هذا المنطلق، اتجهت وزارة المالية لرعاية مؤتمر ومعرض تكنولوجيا التمويل والتأمين، كبادرة للتعريف بأهمية التكنولوجيا المالية في حياتنا، وخاصة في ظل الظروف الراهنة، وكأي خطة، نبدأ بتوصيف الواقع الراهن، ووضع الأهداف، ثم تحديد الاستراتيجية المطلوبة وما تتضمنه من سياسات وتكتيك لتحقيق الأهداف، نأمل أن نقدم في المؤتمر والمعرض صورة دقيقة لما نحن عليه الآن في قطاعات الضرائب والمصارف والتأمين وسوق الأوراق المالية، وكيف يمكن للتكنولوجيا المالية أن تساعدنا لتطوير الأداء، ووضع أهداف صحيحة ومنطقية، تكون كفيلة بدفعنا نحو الأمام في عام التحوًل الرقمي في القطاع المالي.
Post Views:
0