رحل الروائي ميلان كونديرا الذي أبصر النور في مدينة برنو في #التشيك، تاركا خلفه ألق “كائن لا تحتمل خفته”، من غير أن يلامس جائزة نوبل للآداب، التي خسرته في رأي كثيرين، ولكن دون أن يقلل ذلك من شأنه، باعتباره أحد أشهر الروائيين الذين عرفهم العالم خلال القرن المنصرم.
“كان يشعر أنه عجوز وأن لا رغبة له في شيء آخر عدا قليل من الطمأنينة والسلام”، لعل هذه العبارة على لسان إحدى شخصياته، جسدت الهزيع الأخير من حياة أشهر أديب أنجبته جمهورية التشيك في تاريخها الحديث.بحسب موقع” الحرة”.
وغاب كونديرا، أمس الثلاثاء، في مساء صيفي هادئ قبل أن يطفئ شمعة ميلاده الخامسة والتسعين.
و قضى آخر أيام حياته في باريس التي عاش فيها ما يربو على خمسة عقود دون أن يعود إلى براغ، وينتعش بحريه “ربيعها” الذي خلد أحداثه في أجمل رواياته عى الإطلاق “كائن لا تحتمل خفته”.
ربيع براغ
وفي عام 1975 قرر شد الرحال إلى فرنسا بعدما تعرض للاضطهاد بسببت انتقاده للغزو السوفيتي لما كانت تعرف جمهورية تشيكوسلوفاكيا، التي ثارت فئات كبيرة من شعبها ضمن ما عُرف بانتفاضة “ربيع براغ” في العام 1968، والتي نادت بإصلاحات ديمقراطية.
وبحسب وكالة “رويترز”، فإن كونديرا نادرا ما كان يقبل بإجراء أحاديث إعلامية، جازما أن الروائيين يجب أن يتحدثوا من خلال أعمالهم فقط.
ويبدو أن هناك علاقة “حب قاسية” بقيت بين الروائي المخضرم ووطنه الأم إلى آخر لحظات حياته، حيث فضل أن يستمر في منفاه الاختياري دون أن يقرر الرجعة.
المزحة
ونُشرت أولى روايات كونديرا “المزحة” عام 1967، التي انتقد فيها الحزب الشيوعي الحاكم في تشيكوسلوفاكيا رغم أنه الذي كان لا يزال عضوا فيه ذلك الوقت.
ومع ذلك، فقد نعاه رئيس وزراء التشيك، بيتر فيالا، قائلا إن “ميلان كونديرا كان كاتبا لمس أجيالا كاملة من القراء في جميع القارات، ونال شهرة عالمية.. لقد ترك أسلوبا نثريا مميزا وليس روايات بارزة فقط”.
وحصل كونديرا على جوائز عدى لأسلوبه في تصوير الموضوعات التي يتناولها في رواياته والطريقة التي رسم بها الشخصيات التي تنوعت بين الحقيقة الدنيوية للحياة اليومية وعالم الأفكار السامية.
” صراع الذاكرة ضد النسيان”
وتمحورت أكثر أعماله شهرة “كائن لا تحتمل خفته” الصادرة في العام 1984 حول أحداث “ربيع براغ” وما جرى بعدها، وذلك قبل أن تتحول بعد 4 سنوات إلى فيلم ملحمي من بطولة النجم المبدع، دانييل داي لويس وإخراج فيليب كوفمان.
وأعرب كونديرا في حديثه عام 1980 إلى صحيفة نيويورك تايمز ،عن أسفه لأن “الرواية ليس لها مكان” في العالم، قائلاً: “العالم الشمولي..سواء تأسس على ماركس أو الإسلام أو أي شيء آخر ، هو عالم من الإجابات وليس أسئلة.”
وتابع: “يبدو لي أن الناس في جميع أنحاء العالم في الوقت الحاضر يفضلون الحكم بدلاً من الفهم، وطرح الإجابات بدلاً من إلقاء الأسئلة ، بحيث يصعب سماع صوت الرواية مقارنة مع ضجيح حماقة اليقين البشري الصاخب”.
وفي وداعه، قال الروائي البريطاني، سلمان رشدي، لصحيفة “الغارديان” اللندنية: “مثل كل الكتاب العظماء، ترك ميلان كونديرا علامات لا تمحى في خيال القراء”.
وأضاف: “(صراع الإنسان ضد السلطة هو صراع الذاكرة ضد النسيان).. منذ أن قرأت هذه الجملة في كتابه (كتاب الضحك والنسيان)، رسخت في وجداني، وأضاءت النور، حتى أفهم ما يجرى من أحداث في جميع أنحاء العالم”.
Post Views:
0