تقدم وزيرة الاقتصاد السابقة د. لمياء عاصي قراءة أولية لما تضمنه مشروع الموازنة العامة 2025.
وكان وافق المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي في سورية على الاعتمادات الأولية لموازنة عام 2025 بإجمالي اعتمادات بلغ 52600 مليار ل.س وبنسبة نمو 48% مقارنة بموازنة العام 2024 موزعة على 37000 مليار للإنفاق الجاري و15600 للإنفاق الاستثماري.
تشير عاصي بحسب ما نقل عنها موقع المشهد إلى أن الموازنة العامة للدولة هي الأداة الأساسية لتحقيق الخطة السنوية للدولة وترتكز عادة على الأهداف المعلنة في السياسة المالية التي تتمحور حول تثبيت الاقتصاد، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتقليل مستويات البطالة.
وبحسب رأي الوزيرة السابقة فإن الموازنة العامة للدولة لعام 2025 تتشابه مع الموازنات السابقة من حيث أنها تفتقر لتحديد المستهدفات والمؤشرات الاقتصادية ، فمثلا لم يتم تحديد معدل النمو الاقتصادي الحقيقي و التضخم المستهدف وكيفية محاربته أو تخفيضه،وكذلك نسبة البطالة وعدد فرص العمل التي ستوفرها الموازنة العامة للدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، وكذلك المنهجية التي يمكن اتباعها لتحسين المستوى المعيشي لغالبية المواطنين.
في توضيح لأبرز ملامح السياسة المالية التي اعتمدتها الموازنة العامة للدولة للعام 2025 , تشير عاصي إلى تصريح رئيس مجلس الوزراء الذي قال فيه:” إن الحرص على اعتماد سياسة مالية توسعية إلى أقصى الحدود الممكنة والمحكومة أيضاً بقدرات التمويل المتوفرة بما في ذلك حدود التمويل بالعجز، فالحكومة تستهدف تقديم جرعة إضافية لتحريك عجلة الإنتاج الوطني، وكذلك تحريك الطلب الكلي من خلال زيادة الإنفاق العام والخاص” انتهى الاقتباس.
تبين عاصي ثلاث نقاط جدلية وردت في الفقرة السابقة (التصريح):النقطة الأولى: تعرف السياسة المالية التوسعية بمكونات أهمها: أولا: التوسع في حجم الأموال المتداولة في الاقتصاد , ثانيا : منح المستهلكين مزيد من القوة الشرائية , ومن أجل هذه تنفيذ هذه لسياسة تلجأ الدولة الى تحسين الواقع المعاشي وتتخذ إجراءات مثل منح الاعانات واعتماد برامج الرعاية الاجتماعية كما تلجأ الى تخفيض الضرائب، و كل هذه الإجراءات تقوم الحكومة باتخاذها في سبيل زيادة الطلب المحلي أي زيادة الإنفاق الاستهلاكي الذي يشكل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي ، الذي يتكون من الانفاق الاستهلاكي و الانفاق الحكومي الاستثماري بالإضافة الى صافي الصادرات والاستثمارات التجارية والصناعية وبتحليل سريع لبنود الموازنة واعتماداتها نجد أن الموازنة العامة للدولة في سورية 2025 لا تحتوي على ما يشير الى أي من الإجراءات السابقة .النقطة الثانية : في إطار السياسة التوسعية وزيادة الإنتاج الوطني لم تشر الموازنة الى تخصيص اعتماد لدعم المشروعات الصغيرة والصغيرة جدا أو لدعم مشاريع اقتصاد الظل للوصول الى اقتصاد وطني تنافسي وبكفاءة أعلى من اجل تحقيق الهدف الخاص بتعزيز الإنتاج في الاقتصاد الوطني.النقطة الثالثة : لم تشر الموازنة العامة للدولة للعام 2025 الى خارطة طريق لإصلاح سلم الرواتب والأجور في الوظيفة العامة و لتحسين الواقع المعيشي وزيادة القدرة الشرائية لغالبية المواطنين, إضافة الى سياسة المصرف المركزي باستمرار حبس السيولة وتقييد السحب النقدي من البنوك الى حدود ضئيلة جدا.
وترى عاصي ان هناك نقاط لا يجوز اغفالها في الموازنة العامة للدولة، وهي كالآتي:1- تخصيص اعتمادات لدعم المشروعات الصغيرة والصغيرة جدا, من اجل تعزيز الإنتاج , ولا سيما في قطاعات معينة مثل مجالات التكنولوجيا والصناعة البرمجية لرفع القيمة المضافة وتشجيع هذا النوع من المشاريع في الاقتصاد الوطني .2- اصلاح نظام الرواتب والأجور كوسيلة لتحسين القدرة الشرائية للموظفين والعمال الحكوميين باعتباره مكون أساسي من الناتج المحلي الإجمالي,3- تبني سياسات جديدة لدعم القطاع الزراعي وتسعير المحاصيل الاستراتيجية ولا سيما القمح ,في سبيل تشجيع زراعة هذه المحاصيل والاستغناء عن الاستيراد.
كما تذكر عاصي أبرز النقاط الإيجابية في مشروع موازنة 2025 :1- ارتفاع في نسبة الانفاق الاستثماري لإجمالي الموازنة عن السنوات السابقة , فقد بلغت نسبة الانفاق الاستثماري 29.6% من اجمالي الموازنة لعام 2025 بينما كانت هذه النسبة 25,4% تقريبا لعام 2024 أي هناك زيادة في شق الانفاق الاستثماري لعام 2025.2- انخفاض في معدل العجز المالي, حيث بلغ 21% في عام 2025 , بينما بلغ العام السابق 26% , واضح بأنه هناك قناعة عن الإقلاع عن التوسع بتخصيص الاعتمادات ثم اللجوء الى (التمويل بالعجز ) وهي قروض من المصرف المركزي لا تغطية لها , لسد العجز المالي الناجم عن ذلك, لما سبب من مشاكل اقتصادية بسبب ارتفاع معدل التضخم وعدم استقرار بيئة الأعمال التجارية والصناعية رافقها انخفاض كبير بالقدرة الشرائية لغالبية المواطنين.3- اعتماد النمو الاقتصادي المقاد بإجمالي الطلب المحلي ، وهذا يعتبر تحول جذري في الذهنية الحكومية اعتبار أن الرواتب والدخول الشهرية هي أداة تعمل على تنشيط الدورة الاقتصادية, (الإنتاج، الاستهلاك) الأمر الذي اعتبر أنه مقاربة جديدة للإنفاق الجاري وخصوصا الرواتب والأجور.
بشكل عام -والكلام للوزيرة السابقة- يجب أن يسبق إعداد الموازنة العامة للدولة ورقة تشكل إطارا للمفاهيم والمرتكزات الأساسية في صياغة السياسات الاقتصادية والمالية لكل اللاعبين في الاقتصاد الوطني، قطاع عام وخاص , منتجين ومستهلكين , كما يتوقع من الموازنة العامة للدولة أن تجيب على الأسئلة النابعة من التحديات التي يواجهها المواطنون السوريون , وأهمها الفجوة الكبيرة بين الدخل والمتطلبات الأساسية اللازمة للاستمرار على قيد الحياة الكريمة , وأن ننتقل أخيرا لموازنة البرامج من موازنة البنود المعتمدة حاليا , خصوصا في الشق الاستثماري .
المصدر: المشهد اونلاين
Post Views:
0