كتب الباحث الاقتصادي د. محمد صالح الفتيح:
ظهر اليوم قرار صادر عن مصرف سورية المركزي بتاريخ الأمس. التعميم موجه إلى المصارف لتسهيل بيع الدولار وتحريك السيولة النقدية بالليرة السورية. البندان الأهم في التعميم هما الثاني والرابع والمتعلقان بتحرير المبالغ المحتجزة ضمن “منصة تمويل الاستيراد” وذلك خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر. قيمة هذه المبالغ هي 600 مليون دولار.
قرار مصرف سوريا الركزي
الآن، بعض الشرح التقني:
- في 31 أغسطس/آب 2021، صدر القرار 1070 عن مصرف سورية المركزي والذي أنشأ “منصة تمويل المستوردات”. القرار حاول ضبط عملية تمويل المواد المسموح باستيرادها بشكل قانوني (وهي بشكل رئيس مواد غذائية وطبية ومواد أولية للصناعة).
الآلية معقدة ولكن يمكن تلخيصها كما يلي:
أولاً، يطلب المستورد الحصول على رخصة استيراد من الحكومة السورية.
ثانياً، يفتح المستورد حساباً لدى أحد المصارف (الحكومية أو الخاصة) المرخصة في سورية. ويضع فيه مبالغ (بالدولار أو الليرة) لتغطية مستورداته بشكل مسبق.
ثالثاً، يقوم بالاستيراد وبعد وصول البضائع المستوردة إلى الجمارك يحصل على رسالة من الجمارك لسحب قيمة البضائع المستوردة من الحساب المصرفي الذي فتحه مسبقاً. فإن لم يكن قد أودع دولارات في حسابه، يقوم إما بشراء الدولار من المصرف أو يتجه لشركات الصرافة لشراء ما يحتاجه من الدولارات.
- عقدت هذه الآلية عملية الاستيراد بشكل متعمد بهدف إبطاء الاستيراد وإبطاء انهيار قيمة الليرة السورية. فهذه الآلية أجبرت المستوردين على تجميد مبالغ كبيرة من الليرة لعدة أسابيع (أو عدة أشهر أحياناً) قبل قيامهم بأي عملية استيراد. مما يقلص السيولة النقدية التي يمكن أن تستخدم للمضاربة. وهذه المبالغ المجمدة تراكمت مع الوقت.
- في 15 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن المصرف المركزي إلغاء منصة تمويل المستوردات. وفي 14 يناير/كانون الثاني 2025، كشف وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، باسل عبد الحنان، أن السيولة المجتجزة في منصة تمويل المستوردات تقدر بـ600 مليون دولار أميركي، وأنه “لا يمكن تقدير الفترة الزمنية لإعادة أموال المنصة لأصحابها التجار” (الرابط في التعليق الأول).
- القرار الذي صدر اليوم من المصرف المركزي يسمح بإعادة هذه الأموال تدريجياً وخلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر ولكن سيتم ذلك عبر بيع الدولار للتاجر، بحسب الكمية التي يطلبها، مع اقتطاع قيمة هذه الدولارات من الحساب الذي كان مجمداً في السابق.
- من المرجح أن هذه المبالغ أودعت بالكامل في الأصل بالليرة السورية على أن يتم سدادها لاحقاً للتجار بالدولار. والآن على المصارف أن تعيد 600 مليون دولار خلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر، أي بمتوسط 100 مليون دولار شهرياً أو 4 مليون دولار يومياً (أيام العمل). عموماً، هذا القرار، إذا ما طبق فعلاً، فسيكون أول خطوات فك قيود الليرة السورية وتسهيل الاستيراد والنتائج ستظهر خلال أشهر.
Post Views:
0