تحدث الخبير السوري – النيوزلندي الدكتور كرم شعار والمستشار الأول في البنك الدولي في لقائه مع رئيس تحرير الاقتصادي، الدكتور حمود المحمود، ضمن حوارات الاقتصادي يوم الاثنين 10 شباط عن رؤيته لخصخصة مؤسسات الدولة ومدى حاجة سورية إلى الانتقال لاقتصاد السوق وأهم ملامح الفساد في الفترة الماضية وكيفية محاسبة الشركات المرتبطة بالنظام السابق، وفيما يلي أبرز ما ورد في المقابلة:
- الفساد في سوريا في عهد النظام السابق:
- حجم الاقتصاد السوري عام 2010 كان يقدر بـ 60 مليار دولار وهو حالياً 10 مليارات دولار، وحجم الانكماش كان متبايناً بين قطاعات عدة، ومن القطاعات التي ازدهرت كان قطاع العمل الإنساني الذي أصبح عماد الاقتصاد فيما تضرر قطاع الكهرباء بدرجة كبيرة ويقدر حجم إصلاحه بـ 40 مليار دولار.
- الفساد في مناطق سيطرة النظام كان ممنهجاً، إذ إنه لم يقتصر على عدم محاسبة الفاسدين وإنما كان يعمل على بناء منظومة قائمة على الفساد حتى يكون الجميع مذنباً، ابتداءً من الموظف والمواطن وصولاً إلى المسؤول، وهذا يحقق نتيجة إيجابية للنظام على الصعيد السياسي؛ فحينها لا يستطيع أحد الكلام لأن الجميع مشترك في الفساد.
- سوريا في عهد النظام السابق كانت من بين أكثر الدول فساداً في العالم في آخر 6 أو 7 سنوات.
- هناك طرحان لحل أزمة الفساد في سوريا؛ الأول يقوم على نسف المؤسسات على غرار تجربة العراق عام 2003، وهناك طرح آخر يقول بفكرة العمل مع المؤسسات ومحاولة إصلاحها، وهذا برأيي الخيار المناسب لنا لأن التعامل مع هيكل واضح منذ البداية أفضل ويمنحنا مكاسب عديدة.
- نحن بحاجة إلى عام في سوريا على الأقل حتى نستطيع ضبط الفساد الإداري والتمييز بين الموظف الوهمي والحقيقي على غرار تجارب بلدان أخرى.
- الانتقال إلى اقتصاد السوق:
- هناك عدة اعتبارات قبل الانتقال إلى اقتصاد السوق؛ أولها هو: من يحق له أن يأخذ هذا القرار؟ لأن حكومة تسيير الأعمال لايحق لها اتخاذ هذا القرار، ويجب أن يكون هناك بالحد الأدنى حكومة تمثيلية تمثل طيفاً واسعاً من السوريين.
- السياسة الاقتصادية المقبلة لسوريا يجب أن تكون خليطاً بين رأسمالية تهتم برفع متوسط دخل الفرد وتفتح البلد أمام الأسواق العالمية، وسياسة اشتراكية تهتم بوجود دعم اجتماعي للفئات الهشة.
- إيجابيات اقتصاد السوق هي أنه يحقق سياسات منفتحة وداعمة للقطاع الخاص، تلغي كل الحواجز المتعلقة بالحمائية، ولا تقدم دعماً لأطراف صناعية أو ربحية على نحو شامل، وتخلق بيئة تنافسية للفعاليات الاقتصادية، وتضمن عدم وجود احتكارية، كما توفر آلية واضحة لفض المنازعات وبيئة ناظمة صالحة تشجع على الاستثمار.
- سوريا تشهد ركوداً تضخمياً، وهو يمثل جزءاً من مشكلة سوريا الاقتصادية، وهو نتيجة الحرب والفساد والتحول لاقتصاد الحرب وسوء الإدارة الذي كان سائدأ خلال الفترة الماضية والذي كان في جزء منه ينبع من غرور النظام السابق.
- الملامح الاقتصادية في المرحلة الحالية:
- هناك مستوى معين من النضج ينبغي توافره عند الأطراف جميعها، حتى يكون الانتقال السياسي في سوريا ديمقراطياً ومستداماً، وأغلب التجارب المشابهة لتجربة سوريا لم تفض لانتقال ديمقراطي على غرار تجربة مصر مثلاً.
- تراجع الوضع الاقتصادي والخدمي في سوريا بعد سقوط النظام ينذر بما هو أسوأ على الرغم من وعود كثيرة بزيادة الرواتب وتحسن الكهرباء، ويُفترض التحرك بسرعة وإيجاد حلول إسعافية وهذا بحاجة إلى مساعدات خارجية.
- طرح تجربة رواندا هو طرح غير مثالي لسوريا؛ لأن رواند على الرغم من تحسنها التكنولوجي والاقتصادي فإن نظام الحكم فيها ديكتاتوري وغير مناسب لسوريا حتى لو جلب التنمية الاقتصادية.
- العلاج بالصدمة للاقتصاد السوري له فوائد عديدة، باعتبار أن أفضل وقت لتطبيق علاج الصدمة هو الفترة الحالية لأن خسائرنا ستكون محدودة.
- التجارب التاريخية لدول كثيرة مثل الهند وصلت إلى نتيجة أن الحمائية للصناعة الوطنية تعطي نتائج رديئة وتجعلها غير قادر على المنافسة، لذلك لا بد من تحرير الأسواق السورية أمام السلع من الخارج دون التخلي عن المنتج المحلي، وإنما توجيه الدعم له بطريقة مناسبة على غرار إقامة بنية تحتية مناسبة من مدن صناعية ووسائل نقل.
- هناك الكثير يمكن فعله في حال تأخُّر رفع العقوبات وتأخُّر عودة الموارد من شرق الفرات لسيطرة الحكومة، يجب أن يكون هناك تنسيق أفضل بين الفاعلين وعدم إطلاق تصريحات لا يمكن الالتزام بها وضبط السياسة النقدية التي تتميز بأنها رشيقة ويمكن تعديلها بسرعة.
- يجب أن يتوقف موضوع حبس السيولة المتبع حالياً والذي جرى اللجوء إليه لتوقيف الأموال المرتبطة بالنظام السابق.
- الفارق في سعر القطع الأجنبي بين السوق الموازية والسعر الرسمي هو خسارة مباشرة للدولة السورية وهو أمر غير مبرر.
- على الشركات التأقلم مع الظروف الصعبة الحالية لأن الوقائع خارج سيطرتها.
- محاسبة رجال الأعمال من أركان النظام السابق:
- المنطق السائد لبشار الأسد في السنوات الأخيرة من حكمه هو: إذا كان رجال الأعمال يرفضون منحه أمولاً لإدارة الدولة، فسوف يؤسس شركاته بنفسه وهي تعمل على جني الأرباح، وهذا التوجه كان كارثياً بالنسبة له.
- الطريقة المثلى للتعامل مع رجال الأعمال المرتبطين بالنظام السابق هي ليس من جهة الذراع التنفيذية، أي الحكومة، وإنما من جهة القضاء؛ لأن فض الاشتباكات وفهم العلاقات ودور النظام السابق هو موضوع معقد.
- النظام السابق سقط ولكنه لم يُقتلع كلياً لأن عدداً من الشركات المرتبطة به لا تزال موجودة حالياً، والاقتلاع من الجذور يحتاج فترة من الزمن ويجب أن يكون من خلال القضاء ويمكن أن يكون هناك نوع من التسويات والتسامح.
- ليس كل من اشترك من رجال الأعمال في شركات تابعة لبشار الأسد يجب أن يكون مجرماً بالضرورة، فهناك أشخاص كانوا مجبرين وبعضهم أيضاً حاول التهرب من ذلك.
- طبقة رجال الأعمال التقليدية في سورية كان يفرض عليها دفع أتاوات، وبعضهم هرب وبعضهم اضطر للبقاء في سوريا، وكل حالة يجب أن تُدرس على حدة، والحساب يجب أن يكون للطبقة الأعلى.
- هناك مشاكل اقتصادية ستحدث في حال توقيف النشاط الاقتصادي لكل رجال الأعمال المتعاملين مع النظام السابق على نحو فوري.
- نحن بحاجة لمحاسبة حقيقية حتى يكون هناك تنمية مستدامة.
Post Views:
0