حسن يوسف فخور
“كما تشاء”، عرض طلاب دفعة السنة الثالثة من قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، الامتحان الذي سينقلهم للمحطة الأخيرة من دراستهم الأكاديمية؛ لإثبات أحقيتهم بمقاعد المعهد التي دائماً ما يُتهمون بأنهم حصلوا عليها بواسطة أحد المتنفذين في الوسط الفني أو الثقافي.
ما إن بدأت الدقائق الأولى من العرض حتى أخذتني المشاهد مسحوراً بالحركات المدروسة، مع الإضاءة التي ساهمت في خلق الحالة النفسية المتنقلة بين المشاهد، والحوارات الجزلة التي لم تخرج عن سياقها إلا بهدف رفع جرعة الكوميديا الهادئة، ولمسة الديكور البسيطة إلى جانب الملابس المتقنة في تطريزها بأصغر تفاصليها حتى أكثرها وضوحاً، مراعيةً الزمان والمكان اللذين عشناهما من خلال المشهدية التي تخللتها رقصاتٌ أشرف عليها أستاذ الرقص معتز ملاطية، وأصواتٌ أوبرالية من طلاب المعهد العالي للموسيقا بإشراف أستاذهم فادي عطية، أطربتنا رفقة ألحانٍ غربيةٍ بأغانٍ تحاكي بيئة المسرحية التي كتبها الإنجليزي”ويليام شكسبير”، وأشرفت على عرضها أستاذة قسم التمثيل مريم علي في المسرح المكشوف للمعهد العالي للفنون المسرحية
المساحات المتنوعة لم تمنع أبطال العرض من إبراز قدراتهم في سرد حكايتهم التي قدموها بحبكةٍ متقنةٍ، ومشاعر صادقة اختلطت علينا بين الحنين والمكر والحب والأنانية والعفوية والمرح والدموع، متجرئين على الفوارق الطبقية في المجتمعات من خلال الأحداث المتسارعة لقصص الحب الغريبة والمكثفة، والتي شدّت الحضور حتى اللحظات الأخيرة من العرض الذي نفتقده منذ سنواتٍ على مسارح دمشق القومية باستثناءاتٍ قليلةٍ.
أبطالٌ حقيقيون قدموا مسرحية “كما تشاء” وجبةً خفيفةً ودسمةً في آنٍ معاً أثبتوا من خلالها استحقاقهم للنجومية، أمام أساتذتهم وعدد من نجوم الدراما أمثال: مجد فضة، الفرزدق ديوب، مغيث صقر، رفيف الساجر، كندا حنا، وضاح حلوم، أسيمة يوسف، المخرجة رشا شربتجي، الدكتورة رانيا الجبّان، والكاتبة لوتس مسعود، عرضٌ عيبه الوحيد أنه انتهى؛ انتهى ونحن نصفق لدقائق حتى احمرت أكفنا، “كما تشاء” عرضٌ كان كما نشاء فعلاً، وأكثر.
Post Views:
0