قال الخبير الاقتصادي، سلمان ريا، إن مشروع استثمار مرفأ طرطوس لا يقتصر على إعادة تأهيل البنية المرفئية وفق المعايير التقنية الحديثة، بل يجسد توجهاً اقتصادياً أعمق لإعادة صياغة موقع سوريا في النظام التجاري الإقليمي والدولي، عبر توظيف الجغرافيا واستثمارها كأصل اقتصادي ذي طابع استراتيجي، مضيفاً في تصريح لصحيفة الحرية:
ميناء طرطوس الذي لطالما ظل في موقعٍ هامشي أمام مرافئ كبرى كحيفا وبورسعيد ومرسين، يدخل اليوم، مع الاتفاق الجديد مرحلة إعادة إنتاج وظيفته ضمن سلاسل القيمة العالمية.
الميناء لا يُعاد بناؤه بوصفه منفذاً بحرياً فحسب، بل باعتباره نقطة عبور، ومنصة تجميع، ومحوراً لتوزيع البضائع العابرة بين الخليج وآسيا وأوروبا.
تقوم الرؤية التشغيلية الجديدة على تحديث منظومة المناولة، وبناء مناطق صناعية وتجارية حرة، وتوفير بيئة داعمة للخدمات المرافقة ذات القيمة المضافة، في إطار بنية تحتية تهدف إلى تخفيض الكلفة الحدية للتجارة، ورفع الكفاءة اللوجستية، وزيادة القدرة التنافسية.
يتوقع أن يسهم المشروع في توليد فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وفي تحفيز قطاعات النقل البحري والبري، والخدمات اللوجستية، والتأمين، والتخليص الجمركي، فضلاً عن رفع الإيرادات السيادية للدولة من رسوم الرسو، والتخزين، والمناولة، والضرائب المرتبطة بالنشاط التجاري.
المناطق الحرة الجديدة تعد رافعة استثمارية واعدة لجذب الشركات التي تبحث عن نوافذ لوجستية في الحوض الشرقي للمتوسط، بما يعزز من مؤشرات التجارة عبر الحدود ويحسّن مناخ الأعمال على المدى المتوسط.
قد يُسهم المشروع في إعادة توزيع مراكز الجذب المرفئي في المنطقة، ويمنح سوريا فرصة لاستعادة موقعها كبوابة طبيعية بين اليابسة العربية والبحر.
إذا ما تم استكمال الربط بين الميناء وشبكات الطرق العابرة للحدود، والموانئ الجافة الداخلية، فإن طرطوس قد يتحوّل إلى منصة عبور متكاملة، لا تقل فاعلية عن مرافئ إقليمية منافسة.
نجاح هذا المشروع يظل مشروطاً بجملة من العوامل، في مقدمتها الاستقرار السياسي، ومرونة البيئة التنظيمية، وفعالية البنية القانونية والإدارية في تأمين الشفافية وضمان الحقوق التعاقدية.
Post Views:
0