الاصلاحية | آثار جانبية |
بيده الناعمة الصغيرة يمسك المقص ويضغط عليه لدرجةً أصبحت عروق رقبته البارزة ومعالم وجهه الغاضب تعبر عن الغليان النفسي الذي يشعر به، يومها لم تستطع المديرة ولا المرشدة النفسية المتواجدتان في مدرسته من إقناعه بإفلات المقص بسهولة، وعند سؤاله عن سبب مهاجمته لمعلمته ولتلاميذ صفه بالمقص قال: “أنا عم خوفهم بس ما بدي اقتلهم هنن عم يدايقوني”.
هذه ليست الحالة الأولى المتواجدة في مدارس منطقة قدسيا والتي باتت تعاني أضعاف هذه المشاكل بعد تسجيل أعداد هائلة من الطلاب الوافدين من المحافظات التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم “داعش”، ما انعكس سلباً على نفسية كل من طلاب المنطقة والطلاب المدموجين أساساً دون إجراء أي حالة تقييم ودعم نفسي لهم قبل التسجيل.
مديرة مدرسة قدسيا الرابعة هلا العبيسي أرجعت سبب انتشار ظاهرة العنف بين الطلاب في مدارس قدسيا، إلى دمج الطلاب الوافدين من المناطق الشرقية التي كانت تحت سيطرة تنظيم “داعش” والذين شاهدوا القتل والذبح بأم أعينهم، وانقطعوا عن الدراسة والتعليم لفترة لا تقل عن 5 سنوات مع طلاب المنطقة دون أي تقييم للظروف الاجتماعية والمادية والنفسية للتلميذ.
وأوضحت العبيسي أن أغلب المصادرات الناتجة عن المشاجرة بين الطلاب هي من السكاكين والأدوات الحادة، التي قد تؤدي إلى مصائب كبيرة إذا لم يتم ضبطها والانتباه لها، مبينةً أنه تم استدعاء أمن المنطقة في الحالات التي تعذر ضبطها أمام المدرسة، مضيفةً أن 70% من الطلاب المتواجدين حالياً هم من الطلاب الوافدين، ما يشير إلى نسب دمج غير صحيحة قد تكون نتائجها كارثية في المستقبل.
وبينت العبيسي أن القرار الصادر عن وزارة التربية القاضي بمنع إغلاق أبواب المدارس في وجه الطلاب المتأخرين عن الدوام سبب انحدار الواقع التعليمي في منطقة قدسيا نتيجة الضغط الهائل فقد وصل عدد الطلاب في الصف الواحد إلى 60 طالباً بالتزامن مع أعداد قليلة من الكوادر التدريسية ومرشدة نفسية واحدة في كل مدرسة.
فيما بين مدير تربية دمشق غسان اللحام أنه لا يوجد أي توجهات تحدد نسبة الخلط بين الطلاب الوافدين والطلاب الأسوياء، لافتاً إلى أن أغلب المدارس تشهد عمليات دمج، يكون 60% من الطلاب هم من سكان المنطقة و40% من الوافدين.
وأشار اللحام إلى أن الأمور “شبه مضبوطة” وأنه تم “تخطي” مشكلة العنف بإجراء حفلات التنسيب للطلائع وبحضور الفعاليات والنشاطات والدورات التثقيفية التي تنفّذ للرفاق الطليعيين، مؤكداً وجود شح كبير باختصاص الإرشاد والدعم النفسي في المدارس.
بدوره، أكد مدير مستشفى ابن خلدون للأمراض النفسية في حلب بسام الحايك أن هؤلاء الأطفال تعرضوا لصدمة وتشتت فكري كبير وهم بحاجة إلى تقييم مبدئي كامل يحدد نسبة ميولهم للعنف وحاجتهم لتدخل طبي نفسي أم لا، مضيفاً أنه من قواعد الدمج الصحيحة أن تكون النسبة السوية أكبر من النسبة المتضررة للتأثير بها.
وأوضح الحايك أن الأمراض التي تنتشر بين هؤلاء الطلاب هي التمرد والميل للعنف والشدة النفسية الحادة والمدمنة، بالإضافة الى محاولات الانتحار والاكتئاب والقلق والتأخر الذهني، مشيراً إلى أننا بحاجة إلى برنامج تقييم متابع من قبل الإدارات التربوية.
علماً أن مستشفى ابن خلدون النفسي في حلب تعامل مع 1000 حالة طفل متضرر كان قابعاً في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي خلال الثلاث سنوات السابقة.
المصدر: هاشتاغ سوريا – ليلاس العجلوني
Post Views:
0