الاصلاحية | متابعات |
مرت 8 سنوات على الوصية، وصية الشهيد فداء أحمد ” أبو يعرب” رئيس مفرزة الأمن العسكري في جسر الشغور الذي رحل مع عناصر مفرزته في أولى مجازر الحرب السورية بتاريخ 6-6-2011 بعد أن قاوموا المجموعات الإرهابية حتى آخر طلقة وآخر روح.
كان عناصر المفرزة المحاصرون يتصدون لأكثر من 800 مهاجم، في معركة الشجاعة محسومة النتائج، حيث الذخيرة محدودة، والإمداد مقطوع، وموقع المفرزة المنخفض ووجود التلال حولها لا يسمح لها بالدفاع.
علم الرجال المحاصرون بما جرى لكتيبة حفظ النظام التي تم إرسالها لمؤازرتهم، وتعرضها لكمين غادر قرب جسر بلدة “أورم الجوز” راح ضحيته أكثر من 80 شرطي، وتم تصفيتهم جميعا بطلقات قناصات وأسلحة حديثة تستخدم لأول مرة في تلك الفترة.
صعد الرجال إلى سطح المفرزة ينشدون أغاني الوداع، ويشدون من أزر بعضهم، و يصورون مشاهدهم الأخيرة، غير عابئين لتهديدات المسلحين بالاستسلام فما لاقاه عناصر كتيبة المؤازرة زاد من تصميمهم على المقاومة حتى الرمق الأخير.
قاوم الجنود المتحصنون حتى الطلقة الأخيرة، ورغم ذلك لم يتجرأ الإرهابيون على اقتحام القسم، ووفق الفيديوهات التي انتشرت آنذاك، اقتربت جرافة ضخمة تحمل براميل معبأة بمواد شديدة الاشتعال، وضعتها في مدخل المفرزة، وتم تفجيرها.
ليستشهد معظم العناصر ويواجه الناجون منهم أبشع طرائق القتل والتمثيل في وقت لم يكن يعرف السوريون بعد مشاهد العنف بهذا القدر من الوحشية والبربرية.
وسُجلت مجزرة جسر الشغور كأول أعنف مجزرة في سوريا منذ اندلاع الأزمة فيها، حيث استشهد فيها نحو 120عنصر من مفرزة الأمن العسكري وكتيبة حفظ النظام بوحشية منقطعة النظير على يد إرهابي “أغصان الزيتون وسلمية سلمية”.
وأكد الدكتور زاهر حجو الذي كان رئيس الطب الشرعي في إدلب حينها، أن “مجزرة جسر الشغور هي عدة مجازر سبقت اقتحام الإرهابيين لمفرزة جسر الشغور”.
وأوضح في تصريحات سابقة أنه “قبل مجزرة جسر الشغور بأيام قليلة ارتكبت الجماعات الارهابية مجزرة راح ضحيتها أكثر من مئة من الشرطة وقوات حفظ النظام، كانوا في طريقهم لمؤازرة مفرزة الأمن العسكري حيث وقعوا في كمين محكم ومدروس في منطقة “أورم الجوز”.
وتابع “استشهد على إثره جميع عناصر تلك المجموعة المؤازرة حيث فتك بهم دون أن يطلقوا طلقة واحدة، فقد تبين من معاينة أكثر من مئة جثة أن الطلقات المستخدمة كانت من نوعية فريدة وأطلقت باحترافية عالية من مسافة 600 إلى 700 متر”.
وأردف حجو “استهدفت الطلقات جميعها منطقة القلب والرأس، ما يشير إلى أن “عتاة المحترفين والقناصين من المقاتلين الأجانب، هم من نفذ هذه المجزرة، مستخدمين أسلحة عالية الدقة والقوة”.
وأضاف “كما قام عشرات الإرهابيين بقتل ثمانية من حراس مبنى البريد في جسر الشغور ومثلوا بجثثهم وألقوها في نهر العاصي “.
و تحولت جسر الشغور حينها إلى ساحة للقتل والترويع، وهاجم المسلحون المؤسسات العامة والخاصة، واستباحوا الشوارع والأحياء، ومثلوا بجثث الشهداء، وألقوا بعضها في مكبات القمامة.
وجاءت مجزرة جسر الشغور بدعم مباشر من العدو التركي لفتح باب النزوح من المدينة الحدودية مع لواء اسكندرون إلى المخيمات، وفعلا شهد ذلك اليوم توجه أول دفعة نازحين من جسر الشغور إلى تركيا.
واستخدم الإرهابيون في المجزرة أسلحة متوسطة و رشاشات ثقيلة وقنابل و قواذف صاروخية و مدافع مضادة للطائرات من عيار 23 مم لأول مرّة في الأزمة .
يتذكر السوريون تاريخ مجزرة جسر الشغور لأنها كانت مفصلا في تاريخ الأزمة وفتحت الباب لمجازر لاحقة تكررت معها التواريخ والأسماء والضحايا حتى اليوم .
في ذلك اليوم الأسود كان الفضاء يعبق برائحة الموت، ولم يكن لشيء أن يكسر جليد الانتظار سوى صوت أبو يعرب عبر جهاز الموبايل يتلو وصيته الأخيرة “بخاطرك سيدي .. الذخيرة خلصت .. سوريا أمانة برقبتكم سيدي”.
كيان جمعة | تلفزيون الخبر
Post Views:
0