الاصلاحية |
حاولت تركيا بمؤسساتها العسكرية والإعلامية، وبمشاركة الرئيس رجب طيب أردوغان، التسويق لدخول قواتها جبل برصايا شمال غرب بلدة أعزاز، كإنجاز ميداني لافت للعدوان المستمر منذ تسعة أيام على عفرين. وبالتوازي، تنطلق أعمال مؤتمر «الحوار الوطني» في سوتشي الروسية، بمشاركة من الأمم المتحدة وغياب وفد «هيئة التفاوض» المعارضة
التأكيد على تغيّب القوى الكردية المنضوية ضمن «الإدارة الذاتية»، جاء أمس على لسان الرئيسة المشتركة لـ«الهيئة التنفيذية لفيدرالية شمال سوريا» فوزة يوسف، التي أكدت أن «الإدارة الذاتية لن تشارك في مؤتمر سوتشي بسبب الوضع في عفرين». وأوضحت أن «الضامنين في سوتشي هما روسيا وتركيا، والاثنتان اتفقتا على عفرين».
أما التحرك العسكري التركي، فقد اتخذ زخماً أكبر قبيل انطلاق «مؤتمر سوتشي»، إذ كثّفت القوات هجومها على عدد من المحاور الحدودية في عفرين، وسيطرت على عدة مواقع لـ«وحدات حماية الشعب»، وسط حملة قصف جوي ومدفعي واسع على عدد كبير من البلدات هناك. وأرادت أنقرة أمس، التسويق لإنجاز على الأرض، من شأنه أن يغيّر طابع العملية البطيء وغير الفعال، خلال أيامها الأولى. فبينما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يؤكّد أمام حشد جماهيري في ولاية جوروم، قرب السيطرة على جبل برصايا (أقصى شمال شرق منطقة عفرين)، كثّفت القوات التركية والفصائل المسلحة التي تقاتل إلى صفها، الهجوم على نقاط «الوحدات» ضمن الجبل ومنطقة قسطل جندو المجاورة له من الجهة الجنوبية. وتمكنت تلك القوات مدعومة بقصف كثيف من سلاحي الجو والمدفعية من السيطرة على قمة الجبل، التي تشرف على بلدتي معرين وأعزاز (جنوب شرق) وعلى معبر باب السلامة (شرق)، وفق ما أعلنت مصادر عسكرية تركية رسمية. وتزامن التطور الميداني مع وجود وفد إعلامي من وسائل إعلام عالمية، بينها أميركية، في بلدة أعزاز، وذلك بدعوة من الجيش التركي للاطلاع على سير عملية «غصن الزيتون». ونشرت وسائل إعلام تركية تسجيلاً لأحد العسكريين الأتراك، وهو يرفع العلم التركي على «أحد أبراج المراقبة الدفاعية في قمة الجبل»، بالتزامن مع بدء تعزيز النقاط الدفاعية في الجبل، خوفاً من هجوم معاكس قد تنفذه «الوحدات» الكردية لاستعادة الجبل المهم.
وبينما أكدت الفصائل المسلحة العاملة مع الأتراك، سيطرتها على قمة برصايا وبلدة قسطل جندو، نفت وسائل إعلام كردية ذلك، وأكدت استمرار الاشتباكات في عدد من نقاط الجبل، وداخل البلدة. وقصفت القوات التركية بلدات قبلي وخليل وحمام، التابعة لمناطق عفرين وشيخ الحديد وجنديريس، مسببة وقوع عدد كبير من الضحايا والمصابين، بين المدنيين. كما استهدفت بلدات عدة في ناحيتي بلبل ومعبطلي.
بُشرى أردوغان بإنجاز قواته على أطراف منطقة عفرين، ترافقت مع تهديدات بتوسيع العمليات العسكرية لتشمل مدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي. وقال الرئيس التركي إن بلاده «ليس لديها أطماع لاقتطاع أراضٍ من سوريا»، مضيفاً أن منطقة عفرين سوف تشهد عودة للنازحين «بعد تطهيرها من الإرهابيين… وكذلك إدلب». بدوره، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، تعليقاً على الدعم الأميركي المقدم لـ«الوحدات» الكردية، إن «تمكين قوة إرهابية في سوريا يشكل تهديداً لحلف الناتو، ويهدد سلامة أراضيها ووئامها العرقي الاجتماعي»، معتبراً أن على «حلفاء تركيا» دعم عمليتها العسكرية في شمال سوريا.
على صعيد آخر، وبينما يصل المشاركون تباعاً إلى مدينة سوتشي الروسية للمشاركة في مؤتمر «الحوار الوطني»، ينتظر حضور بعض الشخصيات المعارضة التي سبق أن أبدت ترحيبها بالمؤتمر، وسط مقاطعة شخصيات أخرى ممن صوّتوا ضمن «هيئة التفاوض» المعارضة لمصلحة الحضور. وكانت «الهيئة» قد أعلنت مقاطعتها المؤتمر بعد تصويت معظم أعضائها ضد الذهاب إلى سوتشي، فيما وافق 10 من أصل 34 عضواً على الحضور. ومن غير المعروف، ما سيفضي إليه غياب «الهيئة» على مخرجات المؤتمر النهائية، التي كانت قد سرّبت وسائل إعلام عدة تفاصيل عنها. ويفترض أن «مسودة البيان الختامي» للمؤتمر تتضمن بنود الورقة التي قدمها المبعوث الأممي للطرفين السوريين في جولة محادثات جنيف الثامنة. وتشمل تشكيل «لجنة دستورية» يشارك فيها الطرفان الحكومي والمعارض، من أجل التوافق على تعديلات دستورية، برعاية الأمم المتحدة، إلى جانب دمج عمل تلك اللجنة في مسار محادثات جنيف (فيينا). وأكدت «المسودة» التزام سيادة سوريا واستقلالها، وحق الشعب السوري في تقرير مستقبل بلاده، واختيار نظامه السياسي بالوسائل الديموقراطية، إلى جانب التشديد على أن تكون سوريا «دولة ديموقراطية غير طائفية تقوم على المواطنة المتساوية»، وعلى رفض «الإرهاب والتطرف والطائفية والالتزام بمكافحتها»، وضمان سلامة النازحين وحقّهم في العودة إلى ديارهم.