استحقاق ملف رفع أسعار الدواء المنتج محلياً يطرق الأبواب.. كي لا يدفع المستهلك الثمن مرتين١

الاصلاحية | خاص

يدخل ملف الصناعات الدوائية في سورية منعطفاً جديداً ومقلقاً، على خلفية ارتفاع تكالف الانتاج المتأتية في المقام الأول من الانزياحات الأخيرة في سعر الصرف الرسمي، على اعتبار معظم مدخلات هذه الصناعة مستوردة، وهذا ما يحتم صدور قرار مستعجل لرفع أسعار الأدوية المنتجة محلية لتغطية تكاليف الانتاج مع هوامش ربح معقولة، أو نكون أمام إغلاقات كبيرة في هذا القطاع نتيجة الخسائر التي تتكبدها معامل الأدوية، ما يعني أن المتضرر الثاني أو ربما الأول إلى جانب الصناعة الدوائية المحلية هو المستهلك، إذ سيكون البديل هو الدواء المستورد وبسعر مضاعف، وربما ندخل بداعي الحاجة وتقلبات مزاجية وظروف الاستيراد في دوامة الأدوية مجهولة المصدر!!.

وللاقتراب أكثر من عمق المشكلة التي تواجه الصناعت الدوائية حالياً والتي يتطلب حلها رفع الأسعار لتتلاءم مع التكاليف، لابد من الاشارة إلى الدوافع التي يقدمها أصحاب شركات ومعامل الأدوية وهي منطقية إلى حد بعيد، وتنطلق أغلب هذه الدوافع من أن كل ما يتواجد ويشكل علبة الدواء بيد المُستهلك يقوم على مواد مستوردة (علبة الكرتون – ورقة النشرة – الحبر – التغليف الداخلي الخ)، في حين أن تمويل المستوردات لا يلبي احتياجات الواقع ولا يساعد أصحاب المعامل على إيفاء التزاماتها، إضافة إلى العمولة المرتفعة التي تتقاضاها شركات الحوالة وهو ما ينعكس بشكل سلبي على أصحاب المعامل وتكبدهم خسائر فادحة.

وبالتالي وبحسب ما يبين الدكتور عماد معتقوق لـ”الاصلاحية” كان لارتفاع سعر صرف الدولار الرسمي مؤخراً من 1250 إلى 2550 ليرة سورية أثره البالغ في زيادة كلف انتاج الأدوية، ويؤكد أن كل ما تطلبه شركات الأدوية هو منح السعر العادل للمنتج المحلي، بناءً على تكاليف الانتاج الجديدة التي ارتفعت من 100 % إلى 400 %، لا سيما أن أسعار المواد الأولية ارتفعت في جميع أنحاء العالم بسبب جائحة كورونا، كذلك أجور الشحن ورسوم التأمين والترانزيت، وفي ظل هذا الواقع يضيف “معتوق” فإن السوق الدوائية قد تفقد من 60 إلى 70 % من الأصناف الموجودة حالياً!.

من جهته وفي تصريح مماثل لموقعنا يؤيد الدكتور رشيد الفيصل رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية في سورية ما ذكره الدكتور معتوق، ويشير إلى عوامل أخرى تسهم رفع كلف الانتاج الدوائي، من قبيل رفض كثير من الشركات العالمية التعامل مع سورية، وفي حال وجود شركة تقبل التعامل فهي تطلب السعر مُقدماً قبل أن ترسل البضاعة، ومع صعوبات التحويل نتيجة الحصار، تصبح المهمة أصعب وأكثر كلفة، ويضف: “قانون قيصر لم يحاربنا في الدواء هذا صحيح، ولكنه حارب المركزي، وشركات التحويل السورية وهذا بالطبع يماثل فرض عقوبات على قطاع الصحة، ما يتطلب عمل جبار في عمليات التحويل بالخارج من خلال الاتفاف، إذ أن كل تحويل بالدولار لأي بلد يمر من أميركا التي بدورها ستحجز على الأموال ما أن تجد اسم سورية مذكوراً.

الفيصل أيضاً يشير إلى عبء آخر تتحمله معامل الادوية لجهة تأمين دخل مقبول نسبياً للعاملين في معامل الادوية، حيث يؤدي تراجع الانتاجية إلى تسرب العمالة مع كل ما تحمله من خبرات وسيكون من الصعب تعويضها لاحقاً على حد قوله، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن خسائر هذا القطاع ستحدث أزمة مزدوجة (الأزمة الدوائية وأزمة بطالة تؤثر على آلاف الأسر).

والحقيقة التي لا بد من ذكرها هنا هو أن المنتجات الدوائية المحلية هي من أكثر من المنتجات التي يسهل على الجهات المعنية ضبطها، إن كان لجهة السعر أو الجودة، وهي خلافاً للمنتجات الغذائية والاستهلاكية الأخرى، تخضع لرقابة دقيقة وصارمة، ورفع أسعارها يحتاج إلى قرار حكومي، وهذا القار الحكومي بحسب مطلعون على واقع السوق الدوائية تأخر بحدود 3 أشهر، إذا كان من المفترض أن تصدر نشرة أسعار جديدة للأدوية المحلية عقب تعديل المركزي لسعر الصرف.
هذا التأخر في تعديل نشرة الأسعار ساهم بفقدان بعض الأصناف الدوائية من قبيل عائلة البنسلينيات المشاركة مع الكلافييك أسيد، أضافة إلى الصادات الحيوية، وأدوية البروستات، والصرع، ويتهدد أصناف أخرى.

يذكر أن سورية قبل الحرب استطاعت أن تصل في إنتاجها من الادوية إلى تغطية نحو 90 % من الحاجة المحلية، ووصل عدد معمل الادوية إلى 90 معملاً مرخصاً، منها 70 معملاً لا زالوا في الانتاج.