الإصلاحية | أحوال شخصية |
“أصرح على مسؤوليتي المدنية والجزائية، أنه لا يوجد علاقة أو ارتباط من أي نوع كان يربطني بفتاة من الجنسية اللبنانية وأني أتعهد بعدم الزواج من اي فتاة من الجنسية اللبنانية، طوال فترة دراستي في لبنان” هو مضمون التعهد التي طلبه الأمن العام اللبناني من أحد الطلاب السوريين، كشرط لمنحه إقامة طالب!!.
لبنان | في نفس السياق، وقع طالب من الجنسية السورية أيضاً، تعهداً بنفس المعنى، مضمونه الآتي: “أنا الموقع ادناه من الجنسية السورية، أصرح طائعاً مختاراً، وأنا بكامل الأوصاف المعتبرة شرعاً وقانوناً انه لما كنت مسجلاً في معهد الدراسات الاسلامية والمسيحية في جامعة القديس يوسف، فإني أقر بموجبه وعلى كامل مسؤوليتي، من حقوقية وجزائية في حال ثبوت العكس، أنني عازب ولم يسبق لي الزواج لغاية تاريخه. كما أتعهد بعدم الزواج طيلة فترة اقامتي على الأراضي اللبنانية. وإشعارا مني بما تقدم أوقع على هذا الإقرار والتعهد لابرازه حيث تدعو الحاجة وللعمل عند الاقتضاء”. وقد نظم التعهدان لدى كاتبي عدل لبنانيين.
يذكر موضوع التعهدين، بقضية “تعميم منع الحب”، حيث ألزم الأمن العام مستخدمي العاملات الأجنبيات بالإبلاغ عن أي علاقة حب أو زواج قد ترتبط هذه العاملات بها، تمهيدا لترحيلهن. وفي حين تم إلغاء التعميم المذكور من قبل وزارة العدل إثر حراك حقوقي شارك فيه محامون وكتاب عدل وجمعيات مدنية بدفع من المفكرة القانونية، تدفع التعهدات الموقعة من قبل هؤلاء الطلاب إلى التساؤل عن خلفيتها والجهة التي تلزمهم بها. لا سيما أن الأمن العام، لا يشير على موقعه الرسمي إلى أي تعهد من هذا النوع كمستند تمنح الإقامة أو تحجب للطلاب على أساسه.
يخبر أحد الشبان الذين وقعوا هذا التعهد في حديث للمفكرة أن الأمن العام طلب منه التوجه إلى كاتب العدل وإجراء”تعهد بعدم الزواج او الإرتباط من إمرأة من الجنسية اللبنانية طيلة فترة إقامته في لبنان”. وفي إتصال للمفكرة القانونية مع مسؤول المكتب الإعلامي للأمن العام نبيل حنون، نفى أن يكون لديه أي علم بهكذا تعهدات، طالباً مراسلته خطياً بمضمون الإستفسار. فعاودت المفكرة الإتصال عبر الرقم المخصص لاستفسارات المواطنين (1717)، بهدف التقصي عن الموضوع من دون الإعلان عن هويتنا الصحافية. وفي هذا السياق أكد الموظف على ضرورة التمييز بين “إقامة طالب جامعي أو طالب دين”. فالطالب الجامعي “لا يحتاج لهذا التعهد، فهذا التعهد خصوصي لطلاب الدين، فعليه أن يتعهد بعدم الزواج من لبناني أو لبنانية طيلة فترة الدراسة”. وعند سؤاله عن سبب طلب هذا التعهد، أجاب أنه “لا أعرف لماذا، أنا عندي بالتعليمات موجود”. إلى ذلك يؤكد الموظف وجود تعميم من قبل الأمن العام إلى كتاب العدل في هذا المجال. ليعود ويتفاجأ، إثر سؤاله عن رقم التعميم، أنه لم يجد رقما لهكذا تعميم لديه، معاوداً تأكيد وجود تعليمات لديهم بطلب هذا التعهد. ثم أرشدنا لطلب “التعميم كاملاً ونماذج التعهد من كاتب العدل”.
يبدو بشكل واضح أن الموظف افترض وجود هكذا تعميم لدى كتاب العدل، إنطلاقاً من الصيغة الرسمية والقانونية التي يتم فيها تنظيم هذه الإجراءات عادةً. ويبدو أنه لم يتوقع أن المديرية التي يشغل وظيفته فيها، لم تتبع الإجراءات هذه المرة.
فقد أكدت الكاتبتان بالعدل، نسرين أيوب ومهى أبو نجم اللتان نظمتا التعهدين المذكور مضمونهما أعلاه، عدم وجود أي تعميم من قبل الأمن العام في هذا المجال. وقد أفادت موظفة في مكتب أبو نجم أن هذه التعهدات تتم بناءً على طلب صاحب المصلحة، وأن هذا الإجراء حديث العهد ولا يعود لأكثر من شهرين. وقد أكدت غياب أي تعميم من قبل الأمن العام، أو وجود أي نموذج لهذا التعهد، موضحةً أن التعهدات تعتمد النموذج الأول الذي وضعوه هم أول مرة جاءهم شخص يطلب هذا التعهد. وقد انتهت المحادثة إلى أن تعاود أبو نجم الإتصال لاحقاً لتعذر الاستماع اليها لانشغالها، الامر الذي لم يحصل الى حين نشر الخبر.
أما أيوب فتؤكد أن شابا قصدها وطلب منها تنظيم تعهد بهذا المعنى فإستجابت لطلبه وهو التعهد الوحيد الذي أجرته في هذا المجال.
يقول رئيس مكتب مجلس الكتاب العدل في لبنان جوزيف بشارة أن هذه “التعهدات تذكر بالتعميم المتعلق بالعاملات الأجنبيات قبل سنتين”. غير أن المختلف هو غياب أي تعميم رسمي في هذا المجال هذه المرة، ما أدى إلى معرفة بعض كتاب العدل، لا سيما القريبين من مراكز الأمن العام، بهذا التعهد كونه طلب منهم تنظيمه”. يضيف بشارة أن مجلس كتاب العدل سبق أن اقترح، إثر قضية العاملات الاجنبيات، باستشارة الكتاب العدل بمضمون التعهدات قبل فرضها من قبل الأمن العام حفاظاً على حقوق الأفراد”. الامر الذي يظهر أنه “لم يحصل”. أما عن مضمون التعميم، ينتقد بشارة “التدخل في الأحوال الشخصية وحقوق الأفراد في هذا المجال”. بالمقابل يشير إلى الموقف الصعب لكتاب العدل، لا سيما أبو نجم لما “تتمتع به من مناقبية”، بين تنظيم هكذا تعهد أو الإمتناع الذي قد يحرم الشخص من حقه في الإقامة”.
من جهتها تنفي المحامية غيدا فرنجية أن يكون لهذا التعهد أي قيمة قانونية. وتضيف أنه “مخالف للحقوق الأساسية للطالب الأجنبي وللمرأة اللبنانية. فهو يشكل تدخل تعسفي في الحياة الخاصة والحق في الزواج وتأليف اسرة. هو يخيّر الأجنبي بين حقه بالدراسة في لبنان وحقّه في إقامة علاقات حميمية وزوجية، رغم أنها خيارات لا تلغي بعضها البعض، كما انه لا يمكن التنازل عن الحق بالزواج في المستقبل”. وفقاً لفرنجية “يشكل هذا التعهد تقييداً لحقوق المرأة اللبنانية التي من حقها ان تتزوج من تشاء ومتى تشاء وتمنحه حق الإقامة في بلدها. لذلك، لا يمكن للأمن العام التذرع بهذا التعهد من أجل رفض منح إقامة مجاملة للطالب في المستقبل في حال زواجه من لبنانية”.
المصدر: المفكرة القانونية
Post Views:
0