الاصلاحية | منصة التحكيم |
ماذا لو فجّر أحدهم مفاجأة كئيبة ، مفادها أن لا جدوى من إقامة منشآت لتصنيع العصائر الطبيعية في سورية ، لأن الأصناف التي جرى توطينها و الخصوصية المناخيّة هنا ، من شأنها أن تقلل من جدوى مثل هذه الاستثمارات بل وتتوعدها بالخسارة ؟؟
الخبير السوري | منذ بضع سنوات ليست طويلة ، أشتعل فتيل وعود من طرازٍ رسمي ، كانت بإطلاقها كفكرة بعيدة كل البعد عن جديّة الطرح ، وتشبه تماماً السرد التلقائي لأحلام اليقظة المرافق عادةً لتجشّؤات مابعد الغداء ، أو تهويمات ما قبل “تعسيلة” نوم القيلولة .
الواقع أنه بات من الضروري لأحدٍ ما يضع أن حداً لتلك الكذبة المزمنة ، أو لسلسلة الكذب التي بدأت بخصوص الاستثمار في صناعة العصائر ، وغدا من الصعب قطعها لأن الجهات التي تبنّتها و أطلقتها ، قد صدقتها هي نفسها على ما يبدو و “ساقت بها” ، آخذةً معها من دغدغهم الحلم ، وبرعت مخيلاتهم في رسم ملامح مصانع الأحلام ، تقلع وسط بيارات البرتقال ، واضعةً حداً لحكاية كساد مؤرّقة لكل من أوجعتهم بلفحها سنوياً !!
اللافت أن وزارة الصناعة التي سكنها ” شيطان العصائر” ورّطت وزراءها المتوالين على مقصورة إدارتها تباعاً ، بوعود مصانع الأحلام العصيرية ، وكان كل وزير يدلي بدله في ذات الموضوع ، ثم ينسى الفكرة أو ربما لا تسعفه المدّة القصيرة لمكوثه كوزير في إكمال التعبيرعن فكرته ، فيرحل تاركاً البقية للذي يليه ، وكان الوزير السابق أحمد الحمو – المشهود له بجديته وحرصه الوطني – مأخوذاً أكثر من سابقيه بالدراسات التي وجدها في أرشيف “مؤجلات” وزارته ، فانبرى لمواجهة استحقاق تصنيع العصائر ، و أسهب في الحديث عنها هناك في بساتين اللاذقية حيث طوابير الموعودين ، ونذكر أنه وضع آجال زمنيّة لانتهاء الدراسات ثم البدء بالتنفيذ والإقلاع بالإنتاج ، فزاد المشكلة وعقّدها أكثر!!
حتى الآن لم يبح أحد بالحقيقة المرّة والصادمة التي أوردناها أعلاه ، وهي أن حمضياتنا غير عصيريّة ، بالتالي لا جدوى من التصنيع ، وهذا أكثر ما يريب في التعاطي الرسمي مع هذا الموضوع الذي يخص طيفاً واسعاً من الأسر ” بالآلاف ” ، فلماذا لم يخرج أحد المسؤولين التنفيذيين في زيارة من الزيارات الكثيفة إلى اللاذقية وطرطوس ويعلن ما يجب إعلانه ، أم أن بريق الفكرة كان مغرياً للتصريحات والتطمينات بشأنها ؟؟
من يصدّق أن رأس المال الخاص كان سيترك هذا المطرح الاستثماري المغري لو كان ثمة جدوى حقيقية منه ، وأرباح يمكن أن تتحقق منه ؟؟
بتصريحات رسمية وبدون تصريحات ..يعرف رجل الأعمال أين تكمن مصلحته ولا يحتاج عادة إلى حكومة ترسم له خارطة طريق استثماراته ، عندما يتيقّن من أن ثمة أرباح تنتظره ، أي لو كان في استثمار العصائر ” خير لما رماه الطير”.
حتى ولو سمعنا عن استثمار وشيك ورأيناه بأعيننا واقعاً ، لن نصدّق لأن ما نسوقه حقائق وليس أوهام ، إلا إذا كان من سيستثمر يضع نصب عينيه الغش الصناعي ، كأن يستورد بودرة العصائر أو المكثفات ، وينتجها على أنها عصائر طبيعية من منشأ اللاذقية ، وهنا سيكون عرضة للمساءلة وسيكون موضع اتهام هو في غنى عنه مهما كانت المغريات.
الآن بات من الحكمة أن ننسى الفكرة ، و ألّا “نؤمّل” الفلاحين الذين ينتظرون هناك..فلنخبرهم الحقيقة ونتركهم يمضون في خيارات أخرى ، أي علينا ألا نضيع وقت هؤلاء لأن وقت الفلاح من ذهب ، أو فلتتبنّ وزارة الزراعة توضيح الأمر وتأخذ على عاتقها ومسؤوليتها ضمان جدوى التصنيع ، فهي أكثر من يعلم بخصوصية مالديها ، لأن ” أهل مكة أدرى بشعابها” ، و أغلب الظن أننا لن نحظى من ” الزراعة ” بما يطمئن ويفيد.
Post Views:
0