الاصلاحية | فهد كنجو |
بدت إقالة حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور دريد رغام مفاجئة لكثير من المتابعين، وعلى الرغم من التصريحات الجدلية التي صدرت عن “درغام” وبعض قراراته المفاجئة خلال سنتين من إدارته للمصرف المركزي، إلا أن أسم “درغام” الذي انضم إلى الفريق الحكومي صيف العام 2016 وبشكل مفاجئ أيضاً لم تطله تكهنات وشائعات التغيير.
صحيح أن منصحب حاكم البنك المركزي “فني”، و”درغام” لم يكن وزيراً في تشكيلة خميس الحكومية، إلا أن منصبه منحه أن يكون شخصية محورية ضمن فريقها الاقتصادي، أي أنه شارك في مختلف القرارات الاقتصادية للحكومة الحالية، وهو ركن أساسي في سياسة الحكومة النقدية، أول أمس عندما حضر رئيس مجلس الوزراء جلسة مجلس الشعب للحديث عن إنجازات حكومته، أشار إلى ما قال إنها عملية تطوير السياسة المالية والنقدية وقطاع المصارف العامة وآلية عمل المصارف الخاصة، طبعاً يصبح مدير البنك المركزي جزء رئيسي في هذه العملية إن نجحت فله نصيب كبير من النجاح وإن فشلت فعليه من الفشل حصة، استقرار سعر الصرف الذي تتحدث عنه الحكومة وعدته في غير مناسبة إنجازاً، “حاكم المركزي” جزء منه.
لم يبتعد “درغام” كثيراً عن باقي الفريق الاقتصادي من حيث المواضيع التي كان يصرح بها (الرواتب – القروض – الاستيراد – الأسعار)، ورغم تمايزه نسبياً في بعض تصريحاته حول عدد من القضايا التي تشغل الشارع، إلا أنه بدا منسجماً مع كل ما يصدر من قرارت وإجراءات اقتصادية، حتى تصريحه المثير للجدل حول قدرة المركزي خفض سعر الدولار إلى 200 ليرة، قابله تصريح مماثل من حيث الجدل من وزير المالية بأنه قادر على زيادة الرواتب 200 %.
طبعاً مع شح المعلومات حول سبب إقالة “درغام” كما هو الحال عند إقالة أي مسؤول حكومي، تكثر التكهنات، والقراءات، فثمة من قرأ الأمر على أنه بداية لتعديل حكومي يشمل الفريق الاقتصادي، مع الاعتقاد السائد، أن الحكومة الحالية فشلت على الصعيد الاقتصادي ولم تتوصل بعد سنتين من تسلمها لمهامها _ ورغم تحسن المناخ الأمني _ إلى صيغة تضمن انعكاس ذلك التحسن على الوضع المعيشي للمواطن، ذلك باستثناء إقرارها زيادة طفيفة على رواتب العسكريين، حتى فرص العمل التي تحدث عنها بعض مسؤولي الحكومة كبديل عن زيادة الرواتب وفق تراتب الأولويات، هي كانت “ملء شواغر” أي أنها أي الحكومة لم تخلق فرص عمل جديدة.
خلال العام الفائت كثر الحديث عن المجتمع اللانقدي “الدفع الالكتروني” وكثير من المتابعين للسياسة النقدية اعتبروا ذلك أنه مشروع “درغام”، وكان من المتوقع وفق معلومات متداولة أن يبصر النور خلال صيف هذا العام، البعض قرأ الاقالة على أنها بسبب فشل أو على الاقل تأخر المشروع، وحتى لو فرضنا جدلاً أن هذه المسألة هي سبب “الاعفاء” فإن لباقي الفريق الاقتصادي حصة من هذا الفشل أول التأخير، وعليه تصبح تكهنات التعديل الحكومي لها ما يبررها.
مقابل ذلك ثمة اعتقاد آخر يذهب باتجاه أن الحاكم السابق للمركزي تحمل تبعات قرارات اتخذها منفردا وتصريحات أحرجت باقي الفريق الحكومي، مثلاً منذ سنة تقريبا ورغم تأكيدات كان يطلقها خلال انخفاض سعر صرف دولار السوداء عن الرسمي، بأنه لن ينجر وراء ذلك الانخفاض الذي اعتبره مضاربة عكسية بينما كانت تعتبره جهات حكومية دليل على زيادة الانتاج وتعافي اقتصادي، ما لبث أن اتخذ قرار اعتبر مفاجئ حتى بالنسبة للفريق الاقتصادي، برره الحاكم وقتها بأنه رسالة للمحتكرين، فاضطرت الحكومة عقد عدة اجتماعات لتدارك التداعيات مع كبار التجار والمستوردين والمصدرين، حتى أنه كا هناك اعتراف من الحكومة نفسها بأنه ليس لديها سياسة نقدية واضحة راج الاصلاحية: “في هذا الاجتماع: هل اعترفت الحكومة بغياب الرؤية الاقتصادية وأقرت بضبابية السياسة النقدية؟!، في أحدى المرات صرح رئيس مجلس الوزراء أنه لا يتدخل كثيراً في السياسة النقدية ولكنه يتابع القرارت التي ترك للمعنيين حرية اتخاذاها وتحمل مسؤوليتها، ويتدخل في الوقت المناسب.
إلى ذلك اعتبر متابعون أن مطالبة المركزي للمواطنين والتجار الذين اشتروا الدولار في العام 2012 بمراجعته، كان إجراء فردي من “درغام”، لم يعلق أي مسؤول حكومي آخر على الأمر رغم الضجة التي أثارها القرار، أيضاً فيما يخص العلاقة غير المستقرة بين الحاكم ورؤساء مجالس إدارة المصارف الخاصة التي بدأت تطفو على السطح مؤخراً ثمة من عدها سبباً في تغييره.
على الهامش:
_ تسلم الدكتور دريد درغام إدارة مصرف سورية المركزي رغم أن عليه قرار حجز احتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة عن فترة توليه ادارة المصرف التجاري، ورفع قرار الحجز مؤخراً منذ أشهر، وذلك كان مثار جدل عند تعيينه.
_ كان ينشط “درغام” على صفحته على فيسبوك قبل تعيينه حاكماً للمركزي، وخلال فترة تسلمه للمنصب تابع نشاطه وكانت أغلب قراراته تنشر عبر صفحته، وصارت نافذة للتواصل مع شرائح متعددة من المواطنين والمتابعين للقطاع النقدي، من خلال التعليقات والردود.. راجع: عندما اهتزت الثقة.. سهرة متعبة للحاكم على خلفية إصداره قراراً منتهي الصلاحية !!
_ نسبياً استقر سعر الصرف في عهده، منذ عام تقريباً لم يحرك السعر الرسمي فيما بقيت أسعار صرف السوق الموازية تتأرجح قريباً منه.
_ جملته المشهور: “الليرة بخير أخفضو الأسعار”..
_ كان منحازاً للقروض السكنية لكنه قال: لكي يحصل الموظف أو المواطن على قرض سكني يجب أن يكون دخله 300 ألف، وهو تأكيد على تصريح سابق له أثار حفيظة محدودي الدخل ولكن بصيغة مختلفة راجع الاصلاحية: حاكم “المركزي”: من لا يكفه راتبه للعيش خلال الشهر لا يحق له الاقتراض لانه غير قادر على التسديد!!، ما اضطره تقديم اعتذار عليه، راجع: حاكم المركزي يستدرك معتذراً: ذوي الدخل المحدود جعلوا آفاق سورية بلا حدود.
_ في بداية عهده كان رافضاً لطباعة أوراق نقدية جديدة، ربما ذلك كان من ضمن مشروعه “الدفع الالكتروني”، وعندما انخفض سعر دولار السوداء عن سعر المركزي، حدد سقف لحجم الحوالات الورادة، وأصدر قرار “المكوث” أي تجميد الحوالة التي تزيد عن السقف المحدد، فصبت معظم الحوالات في السوق السوداء، وأعطى انطباع أن المركزي لا يملك سيولة كافية بالليرة السورية.. راجع : قرارات المركزي تخبط وشراكة مع السوداء ومكوث للمواطن في الفقر !!
_ أول اجراء اتخذه كان تغيير اللوغو للمصرف، استعاض عنه في كتب المراسلات “بالنسر”، فيما بقي البناء الرئيسي حتى تاريخه بلا “لوغو”.. راجع:
_ اجراءاته وقراراته أغلبها كانت تتجه لإظهار فشل السياسات النقدية في عهد سلفه الدكتور أديب ميالة.
_ آخر ما صرح به قبيل الاقالة، ان تخفيض سعر الصرف قد يكون مهما ولكن الأهم هو استقراره، ولهذا نحن متفائلون بالانتصار ميدانيا واقتصاديا وبناء على طبيعة الانتصار وما يتبعه من قرارات بما فيها كيفية زيادات الرواتب من قبل الوزارات المختصة يمكن الحديث عن دقة أكبر بالتوجهات.
_ كتب على صفحته الشخصية على فيسبوك بعد إقالته بساعات متمنياً للموظفين والحاكم الجديد التوفيق والنجاح.
الاصلاحية | صار وقتا..
Post Views:
0