الاصلاحية | خاص |
كتب ثامر قرقوط | لا تخطط الحكومة في برامجها لحفلات التدشين، وتتجاهل جدوى الزيارات الميدانية، وتتعامل معها كمهمات وظيفية، تصرف من أجلها المكافآت، أو ما يسمى ( أذن السفر). يذهب المسؤول ليدشن، فيستمع لهتافات وأغان وطنية، ويعقد اجتماعات مختلفة، ويتحدث عن المشاريع المفتتحة والمرتقبة والتحديات الماثلة. ومن ثم يتناول طعام الغداء الفاخر، ويعود أدراجه لدمشق. هنا لايندرج سؤال: ماذا بعد؟ رغم أهميته، على قائمة الأوليات، ويتجاهل الجميع السؤال الأهم: ماذا تحقق؟ وما المشكلات التي حلها المسؤول؟ فمن سوء طالع الحكومات، أن ما يرد من أخبار عقب هذه الجولات أو التدشينات، يشبه الفضائح.
ثمة مشاريع دشنت أكثر من مرة، وتحدث عنها الاعلام كما ترده المعلومات من المصدر، دون زيادة أو نقصان، على اعتبار أن ناقل الكفر ليس بكافر. المتغيران المشتركان في هذه التدشينات هما وجوه المسؤولين، وكلفة هذه المشاريع، إذ مع كل تدشين ترتفع الكلفة، بسبب الابداع الحكومي فيما يسمى: ملحق العقد!!.
مثال يمكن القياس عليه، افتتح رئيس الحكومة عماد خميس في عطلة الأسبوع الماضي، المبنى الجديد لكلية طب الأسنان بجامعة تشرين بكلفة ملياري ليرة. لماذا لا يُذكر، من باب تنوير المواطن، التأخر في افتتاح هذا الصرح. أمر المباشرة بالمشروع يعود لعام 2010، والقيمة الأساسية للعقد وملحقاته كانت 327 مليون ليرة، والكلفة النهائية حتى آب الماضي كانت 1.3 مليار ليرة، وفقاً للجهتين، المنفذة للمشروع والمشرفة على تنفيذه، وفي التدشين قفز الرقم إلى نحو ملياري ليرة. قد تكون هذه ال “نحو” مطاطة، وهي حمالة أوجه حتماً.
تتعب الحكومة نفسها، من أجل راحة المواطن. تتكبد عناء السفر والتنقلات، لتتفقد مشاريع حيوية. تتحمل مخاطر الطرقات، والابتعاد عن الأسرة في يوم عطلة، لتدشن مشاريع أخرى. هذا لايعني أن قلب الحكومة على المواطن ومصالحه العليا، فيما قلب المواطن على حجر، قد تكون الحالة معكوسة. مثلاً يعود مشروع تحويلة الحفة، لأكثر من ست سنوات، وكانت تكلفته 1.2 مليار ليرة، وفي العام الماضي تجاوزت نسبة الانجاز فيه 98%. دشنه رئيس الحكومة بكلفة 5.5 مليارات ليرة حسب الأسعار الرائجة.
لماذا لايدشن المحافظ المشاريع في محافظته؟ عدد من الوزراء الحاليين أتوا من منصب المحافظ، رئيس حكومة سابق أتى من منصب المحافظ دون المرور بحقيبة الوزير. هذا يخفف العبء قليلاً عن الوزراء، ويفسح المجال أمامهم لاستثمار وقتهم في بناء الاستراتيجيات.
عندما وجدت الحكومات نفسها عاجزة عن العمل، بدأت باجترار تدشين المشاريع سنوياً، مستغلة المناسبات الوطنية. وساد هذا العرف الخطير، أن كل حكومة تقر مشاريع خدمية، ليس بالضرورة أن تنفذها، لكن تضعها على أجندة التصريحات والوعود، وتكون قد حققت هدفاً مهماً أخر، وهو أنها زرعت ما يثلج صدر الحكومات القادمة، وأسست مشاريع تتكىء عليها هذه الحكومات، لتدخل في حصيلة منجزاتها. وما بين البدء بالمشروع والانتهاء منه، يمكن للحكومات الأخرى أن تستثمر في: التدشين، ومتابعة العمل، ومعالجة المشكلات، وتنفيذ جولات اطلاعية….الخ. هذه هي الحكاية، أو الخطة الحكومية (عصفورين بحجر واحد)، حكومة تزرع من أجل تبييض وجه حكومة قادمة.
صار وقتا..
Post Views:
0